الاسم:
سُمِيَّ باب المجيدي بهذا الاسم نسبة إلى السلطان العثماني عبدالمجيد الأول(1) الذي أمر بإنشائه(2).
الموقع:
يُعد الباب المجيدي من أشهر أبواب السور الأول الداخلي للمدينة المنورة(3)، ويقع في منتصف الحائط الشمالي لسور المدينة تقريبًا، مع ميل بسيط إلى جهة الشرق، مقابلًا الركن الشمالي الشرقي للمسجد النبوي الشريف عند باب السلطان عبدالمجيد(4)، وشارع السحيمي(5) ومجمع مجاري الوضوء(6).
وصفه ومآله:
هو عبارة عن عقد حجري نصف دائري الشكل يمتد إلى الداخل بعمق يزيد عن ستة أمتار فيُشكل قبوًا طويلاً عالي الارتفاع ذو قطاع نصف دائري، وقد بُنِيَّ من الأحجار على هيئة وحدات متتالية من الأحجار يشكل كلًا منها عقد منتظم يترابط مع العقد المجاور بتداخل وحدات الحجر على هيئة بناء منتظم ليضمن ترابط وحدات القبو، وتم تسوية الجهة الأعلى في القبو ليظهر بشكل مستو، استخدم لبناء بعض الغرف العليا التي تستند على دعامات وحوائط القبو التي تتمثل في جدران الغرف السفلية القائمة على جانبي مدخل الباب الرئيسي(7).
وبُنيت الغرف بالأحجار في الأجزاء السفلى حتى تصل إلى فتحات النوافذ، ثم الأجزاء العليا بنيت باللبن، أما عن سقفها فكانت تقليدية باستخدام الجريد وجذوع النحل والخصف وتغطيها طبقة من الطين، وقمة هذه الغرف ذروة صغيرة لا يتجاوز ارتفاعها خمسون سنتمتر تقريبًا(8). وتتطل هذه الغرف من الداخل على ساحة الباب المجيدي من خلال نافذتين مستطيلتين(9).
وقد بقي هذا الباب إلى أن استتب الأمن في العهد السعودي، وتوسعت المدينة وامتد العمران بها بحيث إنه لم هنالك حاجة للسور فأزيل في حوالي عام (1370هـ/1950م)(10).
الأحداث التاريخية المرتبطة به:
أنشئ الباب في عهد السلطان عبدالمجيد عند قيامه بترميم وعمارة المسجد النبوي الشريف عام1265هـ/1848م، والتي انتهت في أواخر ذي الحجة من عام 1277هـ/1861م(11)، وقد أقيم هذا الباب بسبب تزمر السكان من أعمال البناء للمسجد النبوي فرفعوا شكواهم للسلطان عبدالمجيد، فرأى ضرورة فتح باب جديد محاذي لدار الضيافة، ففتح باب من السور أطلق عليه "الباب المجيدي" لتسهيل مهمة نقل ما يحتاج إليه المسجد النبوي من الأحجار والتراب والأساطين وغيرها دون حدوث إلحاق أي أذى أو ضرر بالسكان(12).
وقد اشتهر هذا الباب وعُدَّ من الأبواب الرئيسية في السور؛ وذلك لقربه من المسجد النبوي وموقع خرزة العين الزرقاء ودار الأيتام، ودار الضيافة، مع وجود الكثير من المدارس والأربطة حوله، فكان لذلك الأثر العظيم في تميز هذا الباب على الكثير من الأبواب الأخرى(13)، ولذلك فقد شهد عمليات ترميم في مراحل تاريخية مختلفة، فقد خضع لأول عملية ترميم في عهد السلطان عبدالعزيز بن محمود الثاني(14) عام 1285هـ/1868م، ثم بعد مرور عشرين عامًا على عمارته الأساسية، خضع إلى إصلاحات وترميمات في عهد السلطان عبدالحميد الثاني(15) ضمن عمارته وإصلاحاته التي أجراها لعمارة المسجد النبوي وأسوار المدينة عام (1305هـ/1887م)، حيث جرى ترميم أجزاء الباب العلوية(16).
وبعد مرور فترة من الزمن تكسرت مقصات الباب، وتحطمت أجزاؤه فأزيلت خشبة السقوط، وبقي المدخل دون أية أبواب فترة طويلة، إلى أن قام فخري باشا(17) بتركيب بابٍ آخر من الخشب؛ أثناء حصار المدينة المنورة من قبل القوات الهاشمية في الفترة بين (1334-1337هـ/1915-1918م)، وتسببت تلك الفترة بالكثير من الضرر بسور المدينة وكافة أبوابه(18)، إلى أن تم الاستغناء عنه وإزالته في عام (1370هـ/1950م)(19).
(1) عبدالمجيد الأول بن محمود الثاني: ولد عام 1238هـ/1823م، وتقلد الحكم عام 1255هـ/1839م، وفي عهده حصلت أوسع عملية إصلاحات في المسجد النبوي الشريف، توفي عام 1277هـ/1861م، آصاف، غرتلو يوسف (ت: 1375هـ/1938م)، تاريخ سلاطين بني عثمان من أول نشأتهم حتى الآن، ط1، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1415هـ/1995م)، 125-126؛ كولن، صالح، سلاطين الدولة العثمانية، ترجمة: الدين، منى جمال، ط1، (القاهرة: دار النيل، 1435هـ/2014م)، ص288-289-295.
(2) الخياري: أحمد ياسين أحمد (ت: 1380هـ): تاريخ معالم المدينة المنورة قديمًا وحديثًا، تعليق عبيد الله محمد آمين كردي، نادي المدينة المنورة الأدبي، المدينة المنورة، 1410هـ/1990م، ص64.
(3) سليم، أحمد سعيد، المدينة المنورة في القرن الرابع عشر الهجري، ط1، (د. م: د. ن، 1414هـ/1993م)، ص174.
(4) كعكي: عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن إبراهيم: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، الجزء الثالث تاريخ وعمارة الحصون والآطام، الأسوار والأبواب، القلاع والأبراج، دار إحياء التراث العربي، بيروت ط1: 1427هـ/2006م مج2، ص482.
(5) شارع السحيمي: يقع غرب شمال المسجد النبوي، تصل إليه من باب الشامي وشارع المناخة، ويتصل بشارع الباب المجيدي عند مدخل ميدان المسجد الشمالي. حافظ: علي: فصول من تاريخ المدينة المنورة، شركة المدينة المنورة، جدة، ط3، 1417هـ/1996م، ص110.
(6) علي موسى: وصف المدينة، رسائل في تاريخ المدينة، جمع حمد الجاسر: ص7.
(7) كعكي: معالم المدينة المنورة، ج3 "تاريخ وعمارة الحصون والآطام"، مج2، ص485.
(8) كعكي: معالم المدينة المنورة، ج3 "تاريخ وعمارة الحصون والآطام"، مج2، ص485.
(9) كعكي:معالم المدينة المنورة، ج3 "تاريخ وعمارة الحصون والآطام"، مج2، ص485.
(10) حافظ: فصول من تاريخ المدينة، ص37؛ كعكي: معالم المدينة المنورة، ج3 "تاريخ وعمارة الحصون والآطام"، مج2، ص487.
(11) البرزنجي، جعفر بن إسماعيل المدني (ت: 1317هـ): نزهة الناظرين في مسجد سيد الأولين والآخرين، تحقيق وتعليق: أحمد سعيد بن سلم، (د. ن)، (د. م)، 1416هـ/1995م، ص132؛ الأنصاري، ناجي محمد حسين عبد القادر: عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف عبر التاريخ، مراجعة وتقديم: عطية محمد سالم، نادي المدينة المنورة الأدبي، المدينة المنورة، 1416هـ/1996م، ص145.
(12) البرزنجي: نزهة الناظرين، ص84.
(13) كعكي:معالم المدينة المنورة، ج3 "تاريخ وعمارة الحصون والآطام"، مج2، ص486.
(14) عبدالعزيز بن محمود: ولد في إسطنبول عام 1245هـ/1830م، أجرى إصلاحات واسعة في مكة والمدينة المنورة، توفي عام 1293هـ/1876م. كولن: سلاطين الدولة العثمانية، ص95، ص296، ص297، ص301، ص302.
(15) عبدالحميد الثاني: بن عبدالمجيد الأول: ولد في عام 1257هـ/1842م، تولى الخلافة عام 1293هـ/1876م، في عهده تم إطلاق مشروع خط السكك الحديدة وعرف باسم خط الحجاز لربط دمشق والمدينة، خلع عن الحكم 1326هـ/1909م وتوفي سنة 1334هـ/1915م، أوزتونا: تاريخ الدولة العثمانية، مج3، ص95؛ كولن: سلاطين الدولة العثمانية، ص310-330.
(16) كعكي:معالم المدينة المنورة، ج3 "تاريخ وعمارة الحصون والآطام"، مج2، ص486-487.
(17) فخري باشا: ولد في عام 1286هـ/1869م، وأصبح قائدا للحامية العثمانية في المدينة المنورة خلال فترة الثورة العربية التي أعلنها شريف مكة الحسين بن علي، انتهى حكمه للمدينة المنورة بعد تسليمه لها للقوات الهاشمية في عام 1337هـ/1919م، توفي في عام 1368هـ/1948م. عبد الغني، عارف أحمد: تاريخ أمراء المدينة المنورة 1هـ-1417هـ، د. ط، (دمشق: دار كنان للطباعة والتوزيع، د. ت)، ص423-424.
(18) كعكي:معالم المدينة المنورة، ج3 "تاريخ وعمارة الحصون والآطام"، مج2، ص487.
(19) حافظ: فصول من تاريخ المدينة، ص37؛ كعكي:معالم المدينة المنورة، ج3 "تاريخ وعمارة الحصون والآطام"، مج2، ص487.
روابط ذات صلة
