الاسم:
السقيفة ظلة كانوا يجلسون تحتها(1)، نسبت لبني ساعدة، وهم حيٌّ من الأنصار الخزرجيين، يرجع نسبهم إلى ساعدة بن كعب بنِ الخزرج بنِ حارثة بن ثعلبةَ بن عمرو. وكان زعيمهم الصحابي الجليل سعد بن عبادة رضي الله عنه(2).
الموقع:
اختلف المؤرخون في موقع السقيفة، بعد اتفاقهم أنها في منازل بني ساعدة، واختلافهم هذا يرجع إلى تحديد منازل بني ساعدة، فذهب بعضهم إلى أنها داخل سور المدينة المنورة، جنوبي مقعد بني حسين(3)، وذهب البعض الآخر إلى أنها خارج سور المدينة قريباً من بئر بضاعة(4)، بل إن المطري أعطانا تحديداً يُمكن الاعتماد عليه فبين أن "قرية بني ساعدة عند بئر بضاعة، والبئر وسط بيوتهم، وشمالي البئر إلى جهة الغرب"(5)، والذي يظهر من تحديد بعض المؤرخين أن السقيفة واقعة في منازل بني ساعدة الواقعة في الشمال الغربي للمسجد النبوي(6)، على أطراف سوق المدينة، بالقرب من جبل سليع، في الجهة الشمالية الغربية من مبنى التوسعة الثانية للمسجد النبوي الشريف، وفيها اليوم حديقة غنّاء لا أدري أتدوم أم تزول(7).
وصفه ومآله:
وصفت هذه السقيفة على وجه الخصوص بأنها ظلة أو عريش أو صفَّة لها سقف يستظل بها كانوا يجلسون تحتها عند بئر بضاعة(8)، والسقيفة بشكل عام هي كل ما سقف من جناح أو صفة أو نحوهما مما يكون بارزاً، والسقايف المعروفة في بساتين المدينة من قديم الزمان هي أن يبنى جدار غربي وآخر مثله شرقي وجدار جنوبي باللبن، وتفتح نافذة في الجدار الشرقي، وتسقف بخشب الأثل أو خشب النخيل والجريد والحصير، وتبقي الجهة الشمالية لتكون السقيفة باردة صيفاً، وسقيفة بني ساعدة بطبيعة الحال لا تخرج عن هذا الوصف(9)، وقد كانت السقيفة ملتقى لأبناء القبيلة لمدارسة أمورهم، أو للترويح والسمر، فهي من حيث الوظيفة أشبه بـ[استراحة] في عصرنا الحاضر.
ولا تزال الحديقة الصغيرة المطلة على السور الغربي للمسجد النبوي والتي تحمل اسم: (السقيفة) دليلاً عليها، غير أن الهيئة التي كانت عليها فلم يعد لها وجود في ذلك المكان، وربما من عهود بعيدة، وفي سنة 1383هـ، قدمت بلدية المدينة اقتراحاً يقوم على نزع ملكية مثلث السلطانية الذي فيه سقيفة بني ساعدة بما فيه الدور الواقعة في غربه والبستان، وقد تم اعتماد هذا القرار علي أن يبنى عليه عدد من المباني الخدماتية(10).
الأحداث التاريخية المرتبطة به:
لم تفصل لنا المصادر التاريخية التطورات التي حدثت للسقيفة، والزمن الذي بنيت أو أزيلت فيه، وغاية علمنا عنها أنها لبني ساعدة منذ الجاهلية القريبة، وأنها شهدت عدداً من الأحداث الهامة(11)، ثم طوى التاريخ التطورات التي جرت عليها، واقتصر على ذكر الأحداث التي جرت فيها. وتأتي الأهمية التاريخية لهذا المعلم من عدة مواقف شهدتها:
الأول: قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إلى السقيفة، وجلوسه فيها(12).
الثاني: البيعة التي أبرمها الصحابة رضوان الله عليهم لخليفة رسول الله أبي بكر الصديق رضي الله عنه كانت فيها، والتي جمع الله بها الأمة الإسلامية الناشئة آنذاك على كلمة سواء(13)، ومما ذكره الأنصاري، من أخبار تاريخية عن هذا الموضع أنه كان يوجد مبنى في عهده، مشهور عنه أنه بناء السقيفة، وقد هدم هذا المبنى ووسع بمكانه شارع السحيمي(14).
والآن في عام 1445هـ ضمن مشروع تأهيل مواقع التاريخي الإسلامي في منطقة المدينة المنورة.
(1) الفيروز آبادي، مجد الدين أبي الطاهر محمد (ت: 817هـ): المغانم المطابة، مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، الطبعة الثانية 1439هـ-2018م، (3/1063)، السمهودي، علي بن عبد الله أبو الحسن (ت: 911هـ): وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة: الأولى – 1419، (4/92).
(2) الحموي شهاب الدين ياقوت (ت: 626هـ): معجم البلدان دار صادر، بيروت - لبنان، الطبعة: الثانية، 1995م (3/292)، الفيروز آبادي: المغانم المطابة (3/1064).
(3) السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (3/59)، الأنصاري، عبد القدوس (ت: 1403هـ): آثار المدينة المنورة، المكتبة السلفية بالمدية المنورة الطبعة الثالثة 1393هـ-1973م، ص156.
(4) الحموي: معجم البلدان 1/442 السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (4/92).
(5) المطري جمال الدين محمد (741هـ): التعريف بما أنست الهجرة من معالم دار الهجرة، تحقيق: أ د سليمان الرحيلي، دارة الملك عبد العزيز، 1426هـ-2005م، ص206.
(6) الأنصاري: آثار المدينة المنورة، ص155، حافظ، علي: فصول من تاريخ المدينة المنورة، المدينة المنورة للطباعة والنشر، 1417-1996م، ط3، ص197، شراب محمد بن محمد حسن: المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، دار القلم، الدار الشامية - دمشق - بيروت الطبعة: الأولى - 1411هـ، ص141.
(7) شراب: المعالم الأثيرة، ص141.
(8) الحموي، معجم البلدان (2/229)، الفيروز آبادي: المغانم المطابة، (3/1063).
(9) حافظ: فصول من تاريخ، ص198.
(10) حافظ: فصول من تاريخ، ص198-200.
(11) الأنصاري: آثار المدينة المنورة، ص155.
(12) البخاري، صحيح البخاري، باب الشرب من قدح النبي ﷺ 7/113 حديث رقم (5637)، السمهودي: وفاء الوفاء، (3/59).
(13) البخاري، صحيح البخاري، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لو كنت 5/6 حديث رقم 3667، المطري: التعريف، ص206. الفيروز آبادي: المغانم المطابة، (3/1063).
(14) الأنصاري، ص157.
روابط ذات صلة