الاسم:
أخذت المناخة اسمها من مناخ الجمال، وذلك لكونها موضع ينيخ الجمَّالون فيه جمالهم(1).
الموقع:
تقع المناخة في غرب المسجد النبوي(2)، وتمتد من مسجد المصلى(3) جنوباً إلى قلعة باب الشامي(4) في الشمال، يبلغ طولها 460 متر وعرضها 150 متر تقريباً، ومساحتها تقدر بنحو 245122 متر مربع، يحدها من الشرق حارة الساحة(5) والشونة(6)، ومن الغرب حارة زقاق الطيار(7)، ومن الشمال ثنية الوداع الشمالية(8)، ومن الجنوب يحدها حارة التاجوري(9) وحوش منصور(10).
وصفه ومآله:
المناخة هي فضاء كبير مفتوح كانت تُعد سوق المدينة المنورة الرئيس، وتُشكل الكتلة العمرانية الوسطى للمدينة، وبجانب وظيفتها التجارية(11) فهي محط قوافل الحجاج والتجار، وتحتوي على الكثير من المعالم(12) والخدمات والمرافق العامة، وكانت تُقام فيها الاحتفالات(13)، وتنقسم المناخة إلى ثلاثة أقسام: مناخة ديرو وهي الجزء الشمالي من المناخة، ومناخة البلد وهي الجزء الأوسط، ومناخة الحطب وهي الجزء الجنوبي(14).
ولم تعد المناخة موجودة اليوم في المدينة المنورة، حيث دخلت المنطقة ضمن التوسعات الضخمة للمسجد النبوي الشريف منذ عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز (1384-1395هـ/1964-1975م)(15) عام 1395هـ/ 1975م حيث شملت التوسعة الجهة الغربية للمسجد النبوي الشريف(16).
الأحداث التاريخية المرتبطة به:
يرجع تاريخ المناخة إلى العهد النبوي حين أراد الرسول صلى الله عليه وسلم أن يجعل سوقاً للمسلمين في المدينة فأتى سوق بني قيقناع ثم سوق المدينة فضرب برجله وقال: "هذا سوقكم فلا يضيق ولا يؤخذ فيه خراج"(17).
وظلت المناخة مع اتساع المدينة خارج السور الأول ساحةً لا يُقام فيها بناء، حتى مع وجود الأسواق والمقاهي ومقر المحتسب -البلدية- فلم تقُم هذه الخدمات على بناء ثابت في المناخة بل أقيمت على شكل عشش وصناديق يمكن ازالتها(18).
إلا أنه في العهد الأموي وما تلاه بدأ البناء في سوق المدينة المنورة، غير أنه بعد وفاة هشام بن عبدالملك هَدَم أهل المدينة ما بُني في السوق، فعادت المناخة خالية من أي بناء(19).
وظلت تعرف بمسمى (سوق المدينة) فترة طويلة من الزمن، فلم تكتسب اسمها (المناخة) إلا في عهد السلطان سُلَيمَان القَانُوني(926-974هـ/1250-1566م)، حيث جعلها السلطان محطة لرحال الحجاج، يُنيخون فيها جمالهم فسُميت بذلك(20). ثم شيدت فيها الأسواق على ما ذكره بعض الرحالة في عام 1229هـ/1814م(21). وقد ظلّت المناخة ساحةً فسيحة في منتصف القرن الرابع عشر الهجري/العشرين الميلادي، فهي بمثابة رئة المدينة المنورة تصب فيها الشوارع والطرقات الرئيسية، ومكان يجتمع فيه الناس بعد انتهاء الصلاة في المسجد النبوي(22).
(1) البرزنجي، جعفر بن السيد إسماعيل (ت: 1317هـ/1899م)، نزهة الناظرين في مسجد الأولين والآخرين، تحقيق: أحمد سلم، ط1، (د. ن، 1416هـ/1995م)، ص229؛ سلم، أحمد بن سعيد، المدينة المنورة في القرن الرابع عشر الهجري، ط1، (د. ن، 1414هـ/1993م)، ص190.
(2) الفيروز آبادي، مجد الدين (ت: 817هـ/141م)، المغانم المُطابة في معالم طابة، تحقيق: حمد الجاسر، ط1، (الرياض: دار اليمامة، 1389هـ/1969م)، ص190؛ وابن موسى، علي، وصف المدينة المنورة سنة 1303هـ، تحقيق: عادل عبدالمنعم أبو العباس، ط1، (المدينة المنورة: مكتبة الثقافة، 1426هـ/2005م)، ص127.
(3) مسجد المصلى: وهو مسجد مأثور يقع في الجنوب الغربي للمسجد النبوي ويبعد عن باب السلام فيه نحو نصف كيلو متر. انظر: عبدالغني، محمد إلياس، المساجد الأثرية في المدينة النبويَّة، ط2، (المدينة المنورة: مطابع الرشيد، 1419هـ/1999م)، ص233-235؛ وكعكي، عبدالعزيز بن عبدالرحمن، معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ط1، (د. ن، 1432هـ/2011م)، ج4، مج1، ص340.
(4) قلعة باب الشامي: تقع في شمال غرب المسجد النبوي الشريف متصلة بالسور الداخلي، وقد بناها السلطان سليمان القانوني عام 937هـ/1530م. الحصين، محمد بن عبدالرحمن، النمط العمراني التقليدي للمدينة المنورة، مجلة جامعة الملك سعود، (1412هـ/1992م)، م10، ع1، ص22؛ وكعكي، معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص576.
(5) الساحة: تقع في الجهة الغربية من المسجد النبوي وتمتد إلى جهة الشمال والشمال الغربي منه، تميزت المنطقة بنسيجها العمراني المميز. كعكي، معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص407-409.
(6) الشونة: شارع الشونة جنوب غرب المسجد النبوي وهو للمشاة ويتفرع من المناخة جهة البلدية ويوصل لباب السلام عبر سقيفة الرصاص وشارع باب السلام للمتجه شرقاً. حافظ، علي (ت: 1407هـ/1987م)، فصول من تاريخ المدينة المنورة، ط3، (جدة: شركة المدينة المنورة للطباعة والنشر، 1417هـ/1996م)، ص111.
(7) زقاق الطيار: أحد أحياء المدينة المنورة وكان يقع في الجهة الغربية من المسجد النبوي الشريف، وقد كثُرت فيه الأحواش. كعكي، معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص500.
(8) ثنية الوداع الشمالية: كانت خارج باب الشامي شمالي المدينة وهي بين مسجد الراية ومشهد النفس الزكية ولقد أُزيلت هذه الثنية عام 1406هـ/1986م لأجل التوسعة. السمهودي، نور الدين علي (ت: 911هـ/1505م)، وفاء الوفاء، د. ط، (مصر: مطبعة الآداب والمؤيد، 1326هـ)، ج2، ص275-276؛ لخياري، أحمد ياسين (ت: 1380هـ/1960م)، تاريخ معالم المدينة قديمًا وحديثًا، ط1، (المملكة العربية السعودية: دار العلم للطباعة والنشر، 1410هـ/1990م)، ص217.
(9) حارة التاجوري: تعتبر من أكبر مناطق النسيج العمراني داخل السور الثاني. كعكي، معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص508. التاجوري نسبة إلى قرية تسمى تاجورة بالمغرب الأدنى من أعمال تونس الخضراء أول من قدم منهم المدينة المنورة مهاجراً إلى الله سنة 1000 الحاج أحمد التاجوري المغربي المالكي. تحفة المحبين والأصحاب: (ص131).
(10) حوش منصور: يقع داخل السور الثاني في الجهة الجنوبية الغربية من المسجد النبوي. كعكي، معالم المدينة المنورة، ج7، مج4، ص528-529؛ وخريطة المدينة المنورة من إصدار مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة أنظر صورة رقم (1).
(11) الحصين، محمد بن عبدالرحمن، المناخة ميدان وسوق المدينة منذ أربعة عشر قرناً من الزمان، مجلة جامعة الملك سعود، (1414هـ/1994م)، م6، ص115؛ والحصين، النمط العمراني، ص19، أنظر صورة رقم (2).
(12) من أهم معالمها مسجد المصلى ومسجد السبق. حول هذه المساجد انظر عبدالغني، المساجد الأثرية، ص233-235، كعكي، معالم المدينة المنورة، ج4، مج1، ص340.
(13) كعكي، معالم المدينة المنورة، ج9، مج7، ص22-26.
(14) كعكي، معالم المدينة المنورة، ج9، مج7، ص26.
(15) فيصل بن عبدالعزيز: ثاني أبناء الملك عبدالعزيز آل سعود، وُلد في الرياض عام 1324هـ/1906م ونشأ فيها، تَوَلَّى الحكم عام 1384هـ/1964م، شَهِد عهده إصلاحات كثيرة في مختلف المجالات، تُوُفِّي عام 1395هـ/1975م. حمزة، فؤاد (ت: 1372هـ/1952م)، البلاد العربية السعودية، د. ط، (مكة المكرمة: مطبعة أم القرى، 1355هـ)، ص50-51؛ هذلول، سعود، تاريخ ملوك آل سعود، ط2، (الرياض: مطابع المدينة، 1380هـ/1961م)، ج2، ص، 352،326،232،224.
(16) كعكي، معالم المدينة المنورة، ج2، ص 221-222.
(17) ابن شبَّه، أبو زيد عمر (ت: 262هـ/876م)، تاريخ المدينة المنورة، تحقيق: فهيم شلتوت، د. ط، (د. ن، 1399هـ/ 1979م)، ج1، ص304؛ والسمهودي، وفاء الوفاء، ج1، ص539. وهو ضعيف لإرساله فهو من رواية عطاء بن يسار وهو من التابعين.
(18) زيدان، محمد حسين، ذكريات العهود الثلاثة، ط1، (د. ن، 1408هـ/1988م)، ص19.
(19) السمهودي، وفاء الوفاء، ج1، ص541-543؛ وطه، حاتم عمر، طيبة وفنها الرفيع، ط3، (المدينة المنورة: مكتبة الحلبي، 1429هـ/2008)، ص99؛ ومصطفى، صالح لمعي، المدينة المنورة تطوُّرها العمراني وتراثها المعماري، د. ط، (بيروت: دار النهضة العربية، 1981م)، ص13.
(20) الحصين، مركز المناخة الحضري، ص11-12؛ وكعكي، معالم المدينة المنورة، ج9، مج7، ص21.
(21) بيركهارت، جون لويس (ت 1232هـ/1817م)، رحلات إلى شبه الجزيرة العربية، ترجمة: هتاف عبدالله ، ط1، (بيروت: الانتشار العربي،2005م)، ص272.
(22) كعكي، معالم المدينة المنورة، ج9، مج7، ص63.
روابط ذات صلة