رباط خالد بن الوليد رضي الله عنه

 


الاسم:


إن تسميته بهذا الاسم، عائد لكونه مبني  في موضع دَارَيْ خالد بن الوليد وعمْرو بن العاص رضي الله عنهما فعُرف باسم رباط خالد بن الوليد، كما عرف برباط السبيل نسبةً إلى وجود بئرٍ فيه كانت سبيلاً للحُجَّاج(1).


الموقع:


يقع رباطُ خالد بن الوليد رضي الله عنه شرْقيّ المسجدِ النَّبويِّ الشَّريف مقابل الباب السَّادس(2)، في دَارَيْ خالد بن الوليد وعمْرو بن العاص، فتقع دارُ خالد بن الوليد في مقدمه، و دارُ عمْرو بن العاص رضي الله عنهما بمُؤخِّرهِ(3)، ويحدُّ الرباطَ من الشّمالِ زقاقُ المناصع(4)، ومن الجنوبِ دارُ جَبَلَةُ بن عَمْرو التي أصبحتْ لأسماءَ بنت الحُسين بن عبدالله بن العباس(5).


وصفه ومآله:


يعتبر رباطُ السبيل من الأربطة الخاصَّة؛ حيثُ إن للرجال رباطًا منفصلًا عن رباط النساء(6)، وهو مبني بالحجارة والطين ونُجُفُ أبوابه مكوَّنة من صخور عظيمة مستطيلة، ويتكوَّن الرباط من مجموعةٍ من الغرف المطلية من الداخل بالنّورة (حجر الكلس أو الجصِّ المحترق)، وأبواب الرباط قصيرة(7)، وأما مساحته فهو متوسط المساحة ومتعدد الغُرف، ففي سكن الرجال المُقام على دَارَيْ خالد ابن الوليد وعمْرو بن العاص تسعٌ وثلاثونَ غُرفة، ولا تزيدُ مساحة الغُرفة الواحدة عن مترين في مترين، وهي تكفي لسكن شخصٍ واحد(8)، وتُفتح هذه الغرف على الفناء الداخلي للرباط ليوفِّر للغرفِ الإضاءةَ والتهويةَ، كما يوجد مسجدٌ داخليٌّ لخدمة السكان، و ميضاءة ، وضمَّ الرباطُ أيضًا بئرًا تمدُّ الساكنينَ بالماء، ومطبخًا لتقديم الأطعمة للسكان(9)، وللرباط قُبةٌ صغيرةٌ مبنية من اللَّبِن والطوب و مزركشةٌ بالألوان.

ولقد تمَّت إزالةُ الرباط لتوسعة الشارع العام الشرقي للمسجد النبوي، أثناء التوسعة السعودية الأولى بين عامَي (1370-1375هـ/1951-1955م)، وفُتح مقابلٌ لمكانها بابٌ عظيم يتكوَّن من ثلاث فتحات، سُمي باب الملك عبد العزيز(10).


الأحداث التاريخية المرتبطة به:


تعود وقفيَّة الرباط إلى عهد خالد بن الوليد رضي الله عنه، فقد وقَفها لا تُباعُ ولا تُوهَب، وفي القرن السادس الهجري/القرن الثاني عشر الميلادي وتحديدًا في عام 572هـ/1176م قام قاضي القضاة كمال الدين أبو الفضل محمد بن عبد الله بن القاسم الشهرزوري(11) بإنشاء رباطين، أحدهما للرِّجال في موضع دار خالد بن الوليد وما يليها من دار عمْرو ابن العاص، والآخر للنساء في موضع دار أسماء بنت الحسين(12)، وفي عام 620هـ/1223م اشترى تجَّار من بلاد غزنة دارَي خالد بن الوليد وعمْرو ابن العاص وقاموا بتجديد بنائهما، وجعلوها رباطًا واحدًا؛ ليسكن فيه الغرباء من سكَّان الهند المقيمين بالمدينة المنورة أو الهنود الذين يأتون للزيارة(13).

وكان يُصرف لسكن الرجال في رباط السبيل مبالغ محددة شهرياً(14)، وكذلك للنساء، وكما ويُعطى ناظر الوقف(15)، ويُعتبر رباط خالد بن الوليد من أوقاف الأغوات(16) وذلك بموجب الحجَّة المخرجة من المحكمة الشرعية(17).

وقد لقي الرباطُ في القرن العاشر الهجري/السادس عشر الميلادي اهتمامًا من قِبل القائمين عليه، فقد ذُكر أن بالرباط عددًا من الخُدَّام الذين كانوا يسهرون لراحة الساكنين بالرباط، ومنهم أحمد المغربي بوَّاب الرباط(18).


الملاحق:


ملحق رقم (1)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

رسم تقريبي لدار الصحابة رضي الله عنهم شرقي المسجد النبوي(39).

 

 


(1) السمهودي، نور الدين علي: وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، تحقيق: قاسم السامرائي، ج3، ط1، مؤسسة الفرقان، فرع موسوعة مكة المكرمة والمدينة المنورة، 1422هـ/2001م، ج3، ص14؛ مالكي، سليمان عبد الغني: مرافق الحج والخدمات المدنية للحجاج، الرياض، دارة الملك عبد العزيز، 1408هـ/1987م. ص148 باقاسي، عائشة عبدالله: بلاد الحجاز في العصر الأيوبي 567-648هـ/1171-1250م، رسالة ماجستير، جامعة الملك عبد العزيز، كلي الشريعة والدراسات الإسلامية، الدراسات العليا التاريخية والحضارية، 1399-1400هـ/1979-1980م، ص140.

(2) الباب السادس: هو الباب الذي يُقابل دار خالد بن الوليد رضي الله عنه وقد بُني في بداية توسعة الخليفة المهدي (158-169هـ/775-785م) في عام 162هـ/779م، وقد عُرف هذا الباب بباب خالد ابن الوليد رضي الله عنه أثناء التوسعة السعودية الأولى بين عامي (1370-1375هـ/1951-1955م) وقبل تسميته بباب الملك عبد العزيز. الحربي، إبراهيم إسحاق: كتاب المناسك وأماكن طرق الحج ومعالم الجزيرة، تحقيق: حمد الجاسر، بيروت، مطبعة المتني، 1389هـ/1969م، ص391؛ عبد الغني، محمد إلياس: بيوت الصحابة حول المسجد النبوي الشريف، ط4، المدينة المنورة، (د. ن)، 1420هـ/1999م، ص103؛ دفتردار، هاشم، وجعفر فقيه: توسعة الحرم النبوي الشريف، المدينة المنورة، مكتب التوسعة، (د. ت)، ص57.

(3) المطري، محمد أحمد: التعريف بما آنست الهجرة من معالم دار الهجرة، المدينة المنورة، المكتبة العلمية، 1402هـ/1982م، ص36؛ الأنصاري، عبدالقدوس، آثار المدينة المنورة، ط3، المكتبة السلفية بالمدينة المنورة، 1393هـ/1973م، ص41-42؛ عبد الغني، بيوت الصحابة، ص101.

(4) زقاق المناصع: المناصع هي المواضع التي يُتَخَلَّى فيها لقضاء الحاجة، وكان النساء يقصدنها ليلاً لقضاء الحاجة وذلك قبل اتخاذ الكُنُفِ بالبيوت، العباسي، أحمد عبد الحميد، عمدة الأخبار في مدينة المختار، الإسكندرية، مكتبة الشيمي، (د. ن)، ص89-90؛ الخياري، أحمد ياسين: تاريخ معالم المدينة المنورة قديمًا وحديثًا، ط1، المدينة المنورة، نادي المدينة المنورة الأدبي، 1410هـ/1990م، ص238.

(5) ابن زبالة، محمد الحسن، أخبار المدينة، جمع وتحقيق: صلاح سلامة، ط1، المدينة المنورة، مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، 1424هـ/2003م. ص135؛ عبد الغني:  بيوت الصحابة، ص101، 102، 104.

(6) الكباشي، أنعم محمد، المدينة المنورة في النصف الثاني من القرن العاشر الهجري السادس عشر الميلادي وفقًا للوثائق العثمانية، المدينة المنورة، مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، 1436هـ/2015م، ص149-150.

(7) الأنصاري، آثار المدينة المنورة، ص191.

(8) الحصين، محمد عبدالرحمن، دور الوقف في تأسيس المدارس والأربطة والمحافظة عليها في المدينة المنورة، مجلة جامعة الملك سعود، م9، العمارة والتخطيط(1) س، الرياض، 1417هـ/1997م، ص53-112، ص92، 104؛ الكباشي، المدينة المنورة وفقا للوثائق العثمانية، ص147.

(9) الجابري، خالد محسن: الحياة العلمية في الحجاز خلال العصر المملوكي 648-923هـ/1250-1517م، رسالة ماجستير، جامعة أم القرى، كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، قسم الدراسات العليا التاريخية والحضارية، مكة المكرمة، 1413هـ/1993م، ج2، ص416، سلم، أحمد سعيد: المدينة المنورة في القرن الرابع عشر الهجري، ط1، (د. م)، دار المنار، 1414هـ/1993م، ص39.

(10) الخياري: تاريخ معالم المدينة المنورة، ص168؛ عبد الغني: بيوت الصحابة، ص102-103؛ الأنصاري، ناجي محمد: عمارة وتوسعة المسجد النبوي الشريف، ط1، المدينة المنورة، نادي المدينة المنورة الأدبي، 1416هـ/1996م، ص168.

(11) كمال الدين أبو الفضل محمد بن عبد الله بن القاسم بن مظفر بن علي الشهرزوري الموصلي الشافعي: وُلد في عام 492هـ/1099م، تُوفِّي وعمره ثمانون عامًا وأشهرًا في عام 572هـ/1176م، ابن خلكان، شمس الدين: وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، ج4، بيروت، دار صادر، 1398هـ/1978م (241/4، 244،242).

(12) المطري، التعريف، ص36؛ المراغي، زين الدين: تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة، تصحيح وتحقيق: محمد عبد الجواد الأصمعي، ط1، المدينة المنورة، المكتبة العلمية، 1374هـ/1955م، ص78.

(13) مالكي، مرافق الحج، ص148؛ باقاسي، بلاد الحجاز، ص140.

(14) صابان، سهيل، المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية، الرياض، مكتبة الملك فهد، 1421هـ/2000م ص51-144-179.

(15) عجيمي، دفتر مفردات الصرة السلطانية (لأهالي المدينة المنورة)، ص168.

(16) الأغوات: طائفة خُدَّام المسجد النبوي الشريف، وهم من أجناس مختلفة ما بين أرض الحبشة والسودان والهند، ومن وظائفهم: حفظ المسجد في النهار والمبيت فيه لحراسته ليلاً. السخاوي، شمس الدين: التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة، ط1، مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، 1429هـ/2008م، (105/1، 108).

(17) الأنصاري، آثار المدينة المنورة، ص42؛ عبد الغني، بيوت الصحابة، ص102.

(18) الجاسم، أمل عبد اللطيف، الأربطة في المدينة النبوية خلال الفترة من 555-648هـ/1160-1250م: دراسة حضارية، بحوث الندوة العلمية: آثار المدينة المنورة وحضاراتها وتراثها عبر العصور، جمعية التاريخ والآثار لدول الخليج العربي، ص434.


الملاحق:


(19) عبد الغني، بيوت الصحابة: (88).

كود لاظهار الخريطه

qrcode

روابط ذات صلة


صور المعلم

qrcode

معالم ذات صلة