الاسم:
ذَاتُ الْجَيْشِ: بالفتح ثم السّكون، ويقال أيضاً: أولات الجيش(1). وقد عزا بعضهم سبب التسمية إلى تشكيل جبيلاتها الثلاث بما يشبه مخيّماً للجيش، لكن الشّريف العيّاشي يميل إلى أنّ السّبب يعود إلى نزول جيش النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فيه(2). وقد أرجع السمهودي سبب تسميتها بكون موقعها متاخماً للبيداء التّي صحّ الخبر فيها أنّ جيشاً من أمّته صلّى الله عليه وسلّم يغزون هذا البيت، يخسف بهم في البيداء(3). وقال الفاكهي: وإنّما سمّيت ذات الجيش لحرجة من سمر كانت فيها(4).
الموقع:
اتفق المؤرخون أن ذات الجيش بعد ذي الحليفة، وأنها على الطريق الرئيس الذي كانت تسلكه القوافل، وهو ما يعرف بدرب الأنبياء، وهو موضعٌ قرب المدينة، فيرى ياقوت وادٍ بين ذي الحليفة وتُرْبان وهو أحد منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر، وأحدُ مراحله عند منصرفه من غزاة بني المصطلق(5)، وقد وافقه السمهودي وبين أن اسمها اليوم مفرح(6)، وهو ما أكده غازي تمام من المعاصرين. وقد أرجع العياشي سبب هذا الاختلاف إلى أن كل واحد من المؤرخين يعنى جزءاً من ذات الجيش، أو حداً من حدودها، قال: "وهي المعروفة اليوم بالمفرحات"(7). ويرى المرجاني والفيروز آبادي أنها: نَقْبُ ثَنِيَّةِ الحَفِيرةِ مِنْ طَرِيق مَكَّة والمدِينَة(8).
وصفه ومآله:
بعد أن حددوا موقعها قام الباحثون بوصفها، فقال الأستاذ غالي الشنقيطي: "وذات الجيش سهل فسيح بعد البيداء يشقه واد يسمى بهذا الاسم، وعن يمينه جبيلات حمر غير شاهقة غربي جسر تقاطع طريق جدة مع طريق مدينة الحجاج المتصل بطريق الهجرة السريع"(9).
وقال البلادي: "ذات الجيش تلعة كبيرة تسيل من ثنايا مفرّحات وتصب في العقيق من الغرب فوق ذي الحليفة، تعرف اليوم بالشلبيّة"(10)، وهو من المعالم الطبيعية التي لم تتغير بشكل كامل لبعدها عن العمران.
الأحداث التاريخية المرتبطة به:
وتكمن أهميّة هذا الموقع من الناحية التاريخية، في كونه مذكوراً بالاسم في أحاديث الحمى كحدّ من الحدود الغربيّة الجنوبيّة لحمى الشّجر في المدينة المنورة(11)، وهو من منازل رسول الله صلّى الله وعليه وسلّم إلى بدر(12)، وإحدى مراحله عند منصرفه من غزاة بني المصطلق، هناك حيث حبس رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومن معه في ابتغاء عقد أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها وليس معهم ماء فنزلت آية التّيمّم(13)، وذكر العيّاشي أن أهل البوادي حول ذات الجيش يطلقون على أحد جبيلاتها الثلاث اسم: ضلع النّوم تحديداً منهم للمكان الذي نامت فيه عائشة رضي الله عنها أسفل الجبيل، وممّا يزيد من صحّة هذه النّسبة أنّ ضلع النّوم هو الحدّ الفاصل بين البيداء من مشرقه وبين ذات الجيش من مغربه، لهذا شكّ ابن إسحاق حين روى حديث عائشة رضي الله عنها:(حتى إذا كنّا بالبيداء، أو بذات الجيش...)(14)، كما نقل لنا الفيروز آبادي خبراً من الجاهلية يفيد بأن قبر نزار بن معدّ، وقبر أبيه ربيعة بن نزار بذات الجيش(15).
(1) السمهودي: وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى – 1419هـ، (52/4).
(2) العياشي، إبراهيم بن علي (ت: 1400هـ): المدينة بين الماضي والحاضر، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ت ط1392هـ-1972م، ص449.
(3) السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى: (36/4).
(4) أخبار مكة: (226/4).
(5) الحموي، ياقوت بن عبد الله (ت: 626هـ): معجم البلدان، دار صادر، بيروت، الطبعة: الثانية، 1995م، 2/200.
(6) السمهودي، وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى (82/1).
(7) العياشي، المدينة بين الماضي والحاضر ص448.
(8) بهجة النفوس والأسرار: (257/1)، والمغانم المطابة: (286/1).
(9) الشنقيطي، محمد غالي (ت: 1409هـ/1988م)، الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، د. ط، (قطر: مطابع الدوحة الحديثة، د. ت)، ص250.
(10) محمد حسن شراب، المعالم الأثيرة في السنة والسيرة، دار القلم، الدار الشامية - دمشق - بيروت الطبعة: الأولى - 1411هـ، (94/1).
(11) السمهودي، خلاصة الوفاء بأخبار دار المصطفى (197/1).
(12) الفيروز آبادي، مجد الدين (ت: 817هـ/141م)، المغانم المُطابة في معالم طابة، تحقيق: حمد الجاسر، ط1، (الرياض: دار اليمامة، 1389هـ/1969م)، (217/2).
(13) الفيروز آبادي، المغانم المطابة، (217/2).
(14) العياشي، المدينة بين الماضي والحاضر، ص449.
(15) الفيروز آبادي، المغانم المطابة (217/2).
روابط ذات صلة