الاسم:
تعددت أسماء الباب فأطلق عليه "الباب الشامي الكبير"؛ باب القلعة(1) الباب الشامي الخارجي أو "الباب الشامي البراني"(2)، أو "الباب السوري"(3).
الموقع:
يقع في الجهة الشمالية للمدينة المنورة(4)، وهو أحد أعظم وأشهر أبواب السور الداخلي(5) "الأول" ويقع أقصى الركن الشمالي الغربي، ملاصقًا للقلعة السلطانية(6) ونهاية السور الشمالي(7).
وصفه ومآله:
عُد الباب الشامي من أكبر وأوجه أبواب المدينة الشريفة(8)، ويشابه إلى حد كبير كلًا من "الباب الشامي الصغير" و "باب البقيع" و "الباب المصري"؛ حيث التكوين العام لعمارته الأساسية(9).
ويتكون الباب من برجين دائريي الشكل، تتسع قاعدتهما السفلى ثم تضيق كلما اتجهنا إلى أعلى ليظهر كل برج على هيئة دعامة ثابتة يرتكز بينهما عقد المدخل الرئيسي لمبنى الباب، ويرتبط البرج الشرقي بالنهاية الغربية للحائط الشمالي للسور مباشرةً، ويرتبط البرج الغربي بسور القلعة بشكل مُتدرج يتناسب معه(10)، وأما المدخل الرئيسي للباب فهو مستطيل الشكل، أما عن مادة البناء فقد بُني البرجيين بالحجر المنحوت المنتظم، بينما بُنيت الأجزاء العُليا باللبن، ويعتليها بعض المُسننات العُليا التي بُنيت بالطوب والحجر(11).
وقد تمت إزالة الباب في العهد السعودي(12) بدءً من عام 1370هـ/1950م؛ ذلك ضمن مشروع إزالة السور والقلعة بعد استتاب الأمن والأمان وتوسع النسيج العمراني وتطور المدينة المنورة(13).
الأحداث التاريخية المرتبطة به:
يُعد من أوائل الأبواب التي تأسست في السور؛ ذلك عند بناء السور الداخلي للمدينة المنورة في عام (263هـ/876-877م)، ويرجح كعكي أن الباب الشامي كان سابقًا يسمى "باب الثنية" ذلك لأنه يؤدي إلى ثنية الوداع الشمالية(14)، وقد ظل الباب صامدًا حوالي مئة عامٍ إلى أن حدث بعض الضرر ببعض أجزائها وبكافة السور؛ فتوالت عليه الإصلاحات والترميمات على مدار السنين، فقام عضد الدولة ابن بويه بإعادة بناء السور من جديد بين عامي (368-372هـ/977-982م)، وحظي الباب بالإصلاحات والترميمات الهامة.
وخضع لإصلاحات في زمن الجواد الأصفهاني (540هـ/1145-1146م)(15) ثم في زمن نور الدين زنكي(16) عام (558ه،/1162-1163م) عندما أسس السور الثاني للمدينة، فعمل إصلاحات للباب، وفي عام (755هـ/1354م) قام السلطان الملك الصالح بن قلاوون(17) بتجديد السور الأول وترميم أبوابه، وفي عام (881هـ/1476م) قام السلطان قايتباي(18) بعمارة المسجد النبوي الشريف، وإعادة ترميم السور وإصلاح ما يحتاج إليه الباب، فأصلح الأجزاء العلوية منه(19).
وأما السلطان سليمان القانوني فأعاد بناء السور وتجديده عام (939هـ/1532م) وأستمر العمل من حوالي سبع سنوات، وقد عُدت عمارته أول عمارة حقيقة للباب، فهدم الأبواب، وحفر لها أساسًا قويًا وصلبًا(20)، وبعد مُضي أكثر من مئة وثلاثين عامًا على عمارة الباب السابقة قام السلطان محمد خان(21) عام (1078هـ/1667م) بتجديد السور وأبوابه الرئيسية من ضمنها الباب الشامي الكبير، وتلا ذلك التجديد تجديد آخر في زمن السلطان عبدالحميد الأول(22) عام (1162هـ/1748م)، حيث قام بترميم السور وإصلاح محدود للباب، وفي عام (1220هـ/1805م) تمت إصلاحات كبرى لسور المدينة الأول شملت الأبواب والأبراج، والتي تمت في عهد السلطان محمود الثاني(23)، وقد كُلف بذلك والي مصر محمد علي باشا(24) للقيام بتلك المهمة، حيث حظي الباب بالكثير من الإصلاحات والترميمات، وإضافة الشرفات العليا، فتم ربط البرجين بعقد من الباب الرئيسي والمبني من الحجر مع تحسين ترميم لأسفل تجويف العقد(25)، وبعد حادثة ثورة القلعة(26) تعرض الباب إلى بعض الخراب وتدمير بعض أبراجه، إلى أن تمت إزالة الباب في العهد السعودي(27).
(1) كعكي، عبدالعزيز: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ط1، (بيروت: مؤسسة التاريخ العربي للطباعة والنشر والتجارة، 1432هـ/2011م)، ج3، مج2، ص467. لأنه يؤدي إلى مدخل القلعة الشرقي المحصور بين هذا الباب والباب الشامي الصغير من الداخل.
(2) كعكي: معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص467.
(3) بوركهارت، جون لويس: رحلات إلى شبه الجزيرة العربية ترجمة: صبري محمد حسن، ط1، (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2007م)، ص100.
(4) علي بن موسى الأفندي: وصف المدينة المنورة سنة 1303، ص48؛ صالح لمعي مصطفى: تاريخ المدينة المنورة وتراثها المعماري، دار النهضة العربية - بيروت، ص17.
(5) السور الأول " الداخلي": بني السور عام 263هـ/876-877م، على يد إسحاق بن محمد الجعفري، ومر بالكثير من الإصلاحات طوال السنين إلى أن تمت إزالته في العهد السعودي وذلك بدء من عام (1370هـ/1950م). الخياري، تاريخ معالم المدينة، ص254؛ مصطفى، المدينة المنورة تطورها المعماري، ص30.
(6) القلعة السلطانية: بنيت القلعة في عهد السلطان سليمان الأول بن سليم عام (946هـ/1539م)، وعُدت من أكبر واشمل قلاع المدينة، وتقع شمال غرب المسجد النبوي، حافظ، فصول من تاريخ المدينة، ص52؛ كعكي، معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص574، ص576.
(7) موسى علي، وصف المدينة، ص48؛ كعكي، معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص467.
(8) صبري، موسوعة مرآة الحرمين، ج4، ص448؛ موسى علي: وصف المدينة، ص48.
(9) كعكي: معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص474.
(10) كعكي، معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص474.
(11) كعكي، معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص474.
(12) العهد السعودي: دخلت المدينة المنورة تحت الحكم السعودي سلميًا في 1344/5/48هـ - 1925/12/3م. العثيمين، تاريخ المملكة العربية السعودية، ج2، ص199.
(13) كعكي، معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص471.
(14) ثنية الوداع الشمالية: بفتح الواو، تقع شامي المدينة خلف سوقها القديمة بين مسجد الراية ومشهد النفس الزكية قرب جبل سلع. السمهودي: خلاصة الوفاء، ج2، ص576-577؛ الخليلي: العتبات المقدسة "قسم المدينة"، ص110.
(15) محمد بن علي بن أبي منصور الأصفهاني: الملقب جمال الدين المعروف بالجواد الأصفهاني، وزيز صاحب الموصل، توفي في الموصل عام (559هـ/1164م) ونقل إلى المدينة فدفن في رباط كان قد بناه لنفسه في البقيع. ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج5، ص143-144؛ الزركلي: الأعلام، ج6، ص278.
(16) نور الدين محمود بن محمود بن زنكي التركي: ولد عام (511هـ/1118م) ولُقب بالملك العادل، له الكثير من المحاسن مثل بناء المدارس في الشام وتكميل سور المدينة المنورة، توفي في دمشق عام (569هـ/1173م). الذهبي: سير أعلام النبلاء، ج20، ص530-534.
(17) السلطان الملك الصالح بن الناصر قلاوون: ولد في القاهرة عام (738هـ/1337م) من ملوك الدولة القلاوونية بمصر والشام، وبويع عام 752هـ/1351م، أستمر حكمه ثلاث سنين وثلاثة أشهر، توفي عام (761هـ/1360م). الزركلي: الأعلام، ج3، ص195.
(18) السلطان قايتباي المحمودي الأشرفي الظاهري: سلطان الديار المصرية، من الملوك الجراكسة، ولد عام (815هـ/1412م)، ترك كثيرًا من آثار العمران في مصر والحجاز والشام. الزركلي: الأعلام، ج5، ص188.
(19) كعكي: معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص470.
(20) الرومي، التحفة اللطيفة، ص86-89؛ كعكي، ص470-471.
(21) محمد خان الرابع ابن السلطان إبراهيم خان: ولد عام 1051هـ/1641م وتولى الحكم عام 1058هـ/1648م وهو في السابعة من عمره، وقد تم عزله عن الحكم عام 1099هـ/1687م، بعد حكم دام أربعين سنة وخمسة اشهر، توفي عام 1104هـ/1692م. فريد، تاريخ الدولة العلية العثمانية، ص189-200؛ و آصاف، تاريخ سلاطين بني عثمان، ص89.
(22) عبدالحميد الأول: بن السلطان أحمد الثالث: ولد في إسطنبول عام 1725م/1137هـ، تقلد الحكم من عام (1774-1789م/1187-1203هـ) له اصلاحات كثيرة في مكة والمدينة. كولن، سلاطين الدولة العثمانية، ص250-ص255.
(23) مَحْمُود الثانِي: مَحْمُود بن عَبدْالحَمِيد الأول، وُلد عام 1199هـ/1785م، تَوَلَّى الحكمَ عام 1223هـ/1808م، وظل على عرش السُّلْطَة 32 عامًا، آصاف، غرتلو يوسف (ت: 1375هـ/1938م)، تاريخ سلاطين بني عثمان من أول نشأتهم حتى الآن، ط1، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 1415هـ/1995م)، ص116 ،119؛ وأوزتونا، يلماز، تاريخ الدولة العثمانية، ترجمة: عدنان سلمان، ط1، (إستانبول: مؤسسة فيصل للتمويل، 1408هـ/1988م)، ج1، ص664، 668، 676.
(24) محمد علي باشا: وُلد عام 1182هـ/1769م بمدينة قولة في مقدونيا أصبح واليًا على مصر عام 1220هـ/1805م، تُوُفِّي عام 1265هـ/1849م. فريد، البهجة التوفيقية في تاريخ مؤسس العائلة الخديوية، ص3-4، 10، 40، 182؛ والترك، حكم محمد علي في الحجاز (1234-1256هـ/1819-1840م)، رسالة ماجستير (منشورة)، ص30.
(25) كعكي، معالم المدينة المنورة، ج3، مج2، ص471.
(26) ثورة القلعة: انفجرت القلعة السلطانية المليئة بالذخيرة والقنابل والرصاص في يوم 1338/30/11هـ الموفق ظهرًا، ودمرت البيوت وهرب أهل المدينة الى القرى والبساتين خارج المدينة. واختلفوا فيمن فجر القلعة فالبعض واتهم الضباط تفجيرها بعض الضباط، والبعض رده إلى المناخ الحار والله أعلم. حافظ، فصول من تاريخ المدينة، ص52-53.
(27) العهد السعودي: دخلت المدينة المنورة تحت الحكم السعودي سلميًا في 1344/5/18هـ - 1925/12/3م. العثيمين، تاريخ المملكة العربية السعودية، ج2، ص199.
روابط ذات صلة