الصدقات النبوية

الصدقات النبوية(1)


الاسم:


يعود مسمى الصدقات النبوية إلى سبع بساتين آلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم  بعد غزوة أحد، وقد كانت فيما قبل لرجل يهودي اسمه مُخَيْريق(2)، ويبلغ عددها سبع صدقات وهي: الدَّلال وبُرقة والأعواف والصَّافية والمـيْثَب وحُسْنَى ومَـشْربة أم ابراهيم، وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم في السنة السابعة من الهجرة بوقفها(3).


الموقع:


تقع الصدقات النبوية متجاورة تقريباً في منطقة العوالي وبالتحديد في منطقة العوالي والشريبات وما جاورها(4)، وتبعد هذه الصدقات عن المسجد النبوي الشريف نحو ثلاث أو أربع كيلومترات، وفيما يلي تحديد موقع هذه الصدقات:

صدقة بُرقة: تقع صدقة برقة في الجهة الشرقية من المدينة المنورة وتحدها صدقة المـَشْربة وصدقة الدَّلال، شمالاً، وصدقة المـَيْثَب جنوباً، ومن الشرق صدقة المـَشْربة، ومن الغرب تحدها صدقة الأعواف وصدقة الميْثَب(5).

صدقة الدَّلال: تقع في جنوب صدقة الصافية ويحدها من الشمال جزع الصوافي وجزء من صدقة الصافية ومن الجنوب صدقة الأعواف وصدقة بُرقة وصدقة المـَشْربة، ومن الشرق صدقة المـَشْربة ومن الغرب جزع الأعواف(6).

صدقة الأعواف: تقع صدقة الأعواف في غربي صدقة المـَيْثب وصدقة بُرقة وتحدها من الشمال صدقة الدَّلال ومن الجنوب طريق الهجرة السريع ومن الغرب جزع الأعواف الممتد حتى وادي بطحان أما من الشرق فتحدها صدقة المـَيْثب وصدقة بُرقة(7).

صدقة مـَشْربة أم إبراهيم: تقع صدقة مـَشْربة أم ابراهيم في منطقة العالية بالمدينة المنورة وهي في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد النبوي الشريف وتبعد عنه بنحو ثلاثة كيلومتر، وتحدها من الشمال صدقة حُسنى ومن الجنوب صدقة بُرقة، ومن الشرق جزع الشريبات، وصدقة الدَّلال من الغرب(8).

صدقة حُسنى: تقع صدقة حُسنى في جزع زهرة العائد لبني قريظة ويحدها من الشمال مزارع وبساتين جزع الصوافي ومن الجنوب صدقة مشربة أم ابراهيم وجزء صغير من صدقة الدلال، ومن الغرب صدقة الصافية أما من الشرق فيحدها امتداد صدقة مشربة أم إبراهيم(9).

صدقة المـَيْثب: تقع صدقة المـَيْثب بالعالية وتحدها من الشمال صدقة بُرقة ومن الجنوب مسار الطريق السريع المعروف بالهجرة، ومن الشرق صدقة بُرقة وبعض نخيل العوالي أما من الغرب فتحدها صدقة الأعواف(10).

صدقة الصافية: تقع صدقة الصافية في شرق المدينة المنورة وتُعرف اليوم بزرب الكتمة محرفاً عن ظرب بني خطمة، وتحد صدقة الصافية من الشمال مزارع وبساتين جزع الصوافي الممتدة غرباً وشمالاً ومجموعة من المباني والمساكن، ومن الجنوب صدقة الدَّلال، ومن الشرق صدقة حُسنى، ويُعرف الجزء الشرقي من صدقة الصافية بالقف ويصل القف إلى مشربة أم ابراهيم كما يتصل بزهرة من الشمال والشرق(11).


وصفه ومآله:


اهتم المؤرخون قديماً وحديثاً، بوصف هذه الصدقات حيث نقلوا لنا أوصافها وما آلت إليه في أيامنا وهي على النحو التالي:

صدقة برقة: هي إحدى الصدقات النبوية السبعة وأكبرها مساحة(12)، وهي من الصدقات النبوية التي ما زالت حافظة على كيانها الزراعي، كما وتشتكي من كثرة الدبول(13) التي تهبط من حين لآخر(14).

صدقة الدلال: تُعرف هذه الصدقة عند البعض بصدقة (الآل) وصدقة (الدال)، وقد اختلف المؤرخون في تبعية صدقة الدَّلال لأموال بني قريظة أو لبني النضير(15). انقسمت صدقة الدلال إلى قسمين غربي وشرقي، فالقسم الغربي عبارة عن مزارع وبساتين قائمة حتى اليوم، أما القسم الشرقي فهو عبارة عن أرض بيضاء تمت إزالة المزروعات منها وتخطيط بعضها والبناء على الجزء الآخر منها كمخططات(16).

صدقة الأعواف: حملت بعض المسميات كعوف أو العوافي وجميعها علمٌ على الأعواف(17) تغلب الرقعة الزراعية على صدقة الأعواف وخاصة في الناحية الشمالية منها وأقصى الجنوب، أما الناحية الجنوبية الغربية والشمالية الشرقية فقد أصبحت أرضاً جرداء تمت إزالتها بهدف تخطيطها(18).

صدقة مشربة ام إبراهيم: تعرضت أجزاء كثيرة منها إلى الضياع والاستيلاء عليها وقد تبقى منها جزء صغير تم استخدامه كمقبرة لدفن الموتى من الطائفة الشيعية(19)، ومن أكثر الصدقات النبوية محافظةً على كيانها الزراعي حيث تتمركز المنطقة الزراعية فيها بالجزء الشرقي والجزء الأوسط من شرقي المقبرة،  كما انتشرت بجنوبها المنازل الشعبية مع بعض المباني الحديثة(20).

صدقة حُسنى: تحتوي على الكثير من المزارع والبساتين وخاصة الجزء الشمالي الشرقي والشمالي الغربي، بينما تتركز المباني الشعبية في وسطها(21).

صدقة المـَيْثب: تضم الكثير من المزارع والبساتين المتجاورة، وقد احيطت بسور، إلا إن حدودها لا تقتصر حدودها على هذا السور بل لها امتداد من الناحية الشرقية، وهي لاتزال محتفظة بآثارها القديمة كالبئر والبركة والقناطر الحجرية كما ويمر بداخلها عدة شوارع منها شارع سفيان بن أسد الحضرمي وشارع سلمة الحرمي وغيرها(22).

صدقة الصافي: توصف منطقة الصافية اليوم بالصوافي وهو الاسم الأعم لها، وهي تمتاز بخصوبة أرضها، بالإضافة إلى احتوائها على الكثير من الأملاك والمزارع والمخططات، كما يتواجد بها بئر وأطم، ومعظم مساحاتها اليوم ضمن مزرعة الصاوي والعمري مما أدى إلى بقائها في حالٍ جيد(23).


الأحداث التاريخية المرتبطة به:


إن لكل صدقة من هذه الصدقات ارتباط وثيق بعدد من الاحداث التاريخية للمدينة المنورة، ذلك لما تمتلكه من موقع مهم ومكانة اقتصادية كبيرة، وسنتكلم عن كل صدقة منها:

صدقة برقة: كان لصدقة بُرقة دور كبير في حماية المدينة المنورة من الغرق في عام 156هـ/772م أثناء ولاية عبدالصمد بن علي(24) على المدينة المنورة حيث سال وادي مهزور وخيف على المسجد النبوي منه وقد نقل  السمهودي (ت: 911هـ/1505م) هذه الحادثة(25).

صدقة الدلال: يتمثل الأثر التاريخي بما تنقله المصادر إذ تُبين أن هذه الصدقة كان النبي صلى الله عليه وسلم قد زرعها بيده مع سلمان الفارسي رضي الله عنه(26).

صدقة الأعواف: ورد عن ابن شبة من أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من بئر الأعواف(27).

صدقة مشربة أم إبراهيم: يتمثل الأثر التاريخي لصدقة مشربة أم ابراهيم بأنها كانت داراً وسكناً للنبي صلى الله عليه وسلم فيها مع سريرته مارية القبطية رضي الله عنها، ومكان ولادة ابنه ابراهيم عليه السلام، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد صلى فيها(28).

 

 


(1) لم أقف على حديث صحيح يثبت تلك الصدقات، ولم يذكرها أحد من أصحاب الكتبة الستة، أو الموطأ أو المسند، أو غيرها من أصول الإسلام، ولم يرد في إسلام مخيريق وصحبته شيء يثبت، وإنما اشتهرت من طريق الواقدي، وبعض الروايات عن الزهري التي لا تصح عنه. وينبني على ذلك تحديد موقعها.

(2) مخيريق:  النضري الإسرائيلي، اختلف المؤرخون في أصله وإسلامه، شهد أحداً وقُتل فيها ودفن في ناحية من مقبرة المسلمين ولم يُصلّ عليه. ابن حجر: الإصابة في تميز الصحابة, تحقيق: عادل أحمد وعلي معوض, دار الكتب العلمية، بيروت، ط1 1415هـ؛ (1382/6)، السمهودي: وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، تحقيق: قاسم السامرائي، ط1، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 1422هـ/2001م (406/3)، كعكي، عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن إبراهيم، معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج3، "تاريخ وعمارة الحصون والآطام، الأسوار والابواب، القلاع والأبراج"، ط1، ( بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1427هـ/2006م، ج9، مج10، ص27.

(3) ابن هشام: السيرة، تحقيق مجدي السيد، دار الصحابة للتراث، طنطا، ط1،  1416هـ/1995م، (46-3/47)، ابن شبة عمر (ت: 262هـ): تاريخ المدينة، حققه: فهيم محمد شلتوت طبع على نفقة: السيد حبيب محمود أحمد – جدة 1399هـ، (173-1/174).

(4) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج11، ص45، ج9، مج10، ص28.

(5) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص99، 101، 105، 108.

(6) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص83, 90, 95.

(7) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص110-114.

(8) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص66-71.

(9) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص57-58، 65.

(10) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص 122، 137.

(11) العباسي، أحمد بن عبد الحميد (المتوفي في القرن العاشر الهجري): عمدة الأخبار في مدينة المختار صححه وحرر ألفاظه: محمد الطيّب الأنصاري وقام بتصحيحه: حمد الجاسم، توزيع المكتبة العِلميَّة - المدَينة المُنورّة الطبعة: الخامسة، ص420؛ كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة التاريخ، ج9، مج10، ص46.

(12) مسعود، جبران، الرائد، ط4، بيروت، دار العلم للملايين، 1992م، مادة: برك، ص170؛ العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص418، كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص101.

(13) الدبول: مفردها دبل وهو مجرى من الحجر على شكل مستطيل تكمن الإستفادة منها في الحصول على المياه. كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج2، ص127.

(14) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص104-106.

(15) ابن شبة: تاريخ المدينة المنورة، ص174؛ العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص418؛ كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص83.

(16) العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص421؛ كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص83-95.

(17) العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص418، 425؛ كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص110.

(18) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص110-116.

(19) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص66، 71.

(20) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص66.

(21) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص58، 63.

(22) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص123، 127.

(23) العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص420؛ كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص47-51.

(24) عبدالصمد بن علي بن عبدالله بن عباس، أحد قادة الدعوة العباسية ولد بالحميمة في سنة 104هـ/722م، تولى إمارة المدينة المنورة في عام 154هـ/770م، توفي في عام 185هـ/801م. عبدالغني، عارف أحمد: تاريخ أمراء المدينة المنورة 1هـ-1417هـ، د. ط، (دمشق: دار كنان للطباعة والتوزيع، د. ت)، ص133-135.

(25) السمهودي: وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، ج4، ص63-64.

(26) ابن شبة: تاريخ المدينة المنورة، ص174؛ العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص418؛ كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج10، ص83.

(27) ابن شبة: تاريخ المدينة المنورة، ص159. ولا يثبت ففيه عبد العزيز بن عمران: متروك. تقريب التهذيب (ص: 358، ت: 4114).

(28) السمهودي: وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، ج3، ص175؛ النجار محب الدين (ت: 643هـ): الدرة الثمينة، تحقيق حسين محمد علي شكري، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم، ص180-181؛ ابن زبالة محمد بن الحسن (ت: 199هـ): أخبار المدينة، جمع وتوثيق ودراسة: صلاح عبد العزيز زين سلامة، مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، الطبعة: الأولى 1424هـ-2003م، ص141.

كود لاظهار الخريطه

qrcode

روابط ذات صلة


صور المعلم

qrcode

معالم ذات صلة