مسجد بني حارثة


الاسم:


يعرف بمسجد بني حارثة، لأنه بني في منازلهم، وقد امتدت منازلهم من جهة العريض(1) شرقاً وحتى موضع هذا المسجد غربا(2).

كما يعرف هذا المسجد بمسجد المستراح لما تناقله أهل المدينة بأن النبيﷺ كان يستريح في موضعه ويصلي فيه أثناء مروره لزيارة شهداء أحد(3). وقيل سُمي بالمستراح لأن النبي ﷺ كان مثقلاً بلبس درعين فاستراح فيه أثناء مسيره إلى أحد، وكلمة مستراح وصف للمكان وليس اسماً للمسجد(4).

وسمي أيضاً بمسجد البدائع(5)، وكذلك مسجد الدرع ورد ذلك العياشي بقوله: "ولا صحة لهذه التسمية لأن النبيﷺ لبس لأمته من بيت عائشة رضي الله عنها من الحجرة النبوية، وقال: (ما كان لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل)"(6).


الموقع:


يقع مسجد المستراح اليوم على يسار السالك إلى منطقة جبل أحد ويطل مباشرة على الشارع العام المعروف بشارع سيد الشهداء(7). ويحد المسجد من جهته الشرقية اليوم طريق سيد الشهداء، ومن الجهة الشمالية على طريق آخر، ومن الجهة الجنوبية أرض فضاء، ويبعد مسجد المستراح عن المسجد النبوي الشريف ألفان وأربعمائة وعشرين مترا، في حين يبلغ بعده عن جبل أحد شمالاً ألفاً وخمسمائة وستين مترا(8).


وصفه ومآله:


لم تنقل لنا المصادر وصفاً لهذا المسجد عند بنائه الأول، ولكن الأخبار التي ترد في وصفه أنه كان مبنياً قبل العهد السعودي بالحجارة السوداء(9)، وكان بناؤه لا يزيد عن متر(10)، وقد تعرض للإهمال إلى أن قامت الحكومة السعودية بهدمه وإعادة بنائه من جديد، وكان المسقط الأفقي للمسجد يتكون من رواق القبلة وبه المحراب، وفي الجهة الشمالية يقع الصحن المكشوف للمسجد وعليه المدخل الرئيس، وفي هذا الصحن توجد خدمات وملاحق المسجد كدورات المياه وأماكن الوضوء. وللمسجد مئذنة واحدة تقع في الركن الشمالي الغربي، وهو مبني بالخرسانة المسلحة(11).

وفي عام 1408هـ/1988م صدرت أوامر من الملك فهد بن عبد العزيز يرحمه الله بإعادة بناء هذا المسجد بما يتناسب ومكانته التاريخية الهامة، وقد بني المسجد بأجمل وأتقن بناء، وألحقت بالمسجد دورات للمياه وأماكن للوضوء تفي بحاجة المصلين ورواد المسجد(12)، ويتكون مسجد المستراح الجديد في عمارته السعودية الثانية من مسقط مستطيل الشكل يبلغ طوله من الشمال إلى الجنوب ثلاثين متراً وستين سنتمتراً في حين أن عرضه من الشرق إلى الغرب يبلغ قرابة ثمانية عشر مترا وخمسة وستين سنتمتراً(13).


الأحداث التاريخية المرتبطة به:


يعد مسجد المستراح من المساجد المأثورة التي قيل إن النبيﷺ صلى فيها، وقد بني هذا المسجد في العهد النبوي في موضع صلاته في بني حارثة واتخذه بنو حارثة مسجداً لهم.

ومن المرجح أن هذا المسجد قد أعيد بناؤه على يد الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز بالحجارة المنقوشة عندما كان والياً على المدينة المنورة في الفترة بين عامي (87-93هـ/706-712م) أثناء خلافة الوليد بن عبد الملك (86-96هـ/ 705-714م) أثناء عمارته للمسجد النبوي الشريف في الفترة بين عامي (88-91هـ/ 707-710م) (14)،ثم تعرض للإهمال وذكر أحمد الخياري أن المسجد أنشأته هيئة الآثار في العصر العثماني بالحجارة السوداء بعد أن تبين أنه من المساجد الأثرية التي يرجع تاريخ بنائها إلى عهد الرسولﷺ(15)، ولكنه تعرض للإهمال بعد ذلك وتهدمت بعض أجزائه ويشير لحالة المسجد هذه إبراهيم العياشي بقوله: "وقد حضرته والبناء لا يزيد ارتفاعه عن متر تقريباً، وقد أصلحته إدارة الأوقاف بالبناء المشاهد اليوم"(16).

وفي عام 1386هـ/1966م قامت حكومة المملكة العربية السعودية بإعادة إعمار المسجد فأعيد بناؤه وتوالت التحسينات والإصلاحات بشكل دوري عليه، وكان ذلك في الفترة بين عامي 1395 - 1398هـ/ 1975–1978م(17).

وفي عام 1408هـ/1988م أصدر الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله، أمراً بإعادة بنائه، بما يتناسب ومكانته التاريخية الهامة(18).

 


(1) العريض: تقع منطقة العريض في أوساط الحرة الشرقية، وبها دارات أحداث موقعة الحرة سنة 63هـ. الشنقيطي، محمد غالي (ت: 1409هـ/1988م)، الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، د. ط، (قطر: مطابع الدوحة الحديثة، د. ت)، ص173.

(2) السمهودي، علي بن عبد الله أبو الحسن (ت: 911هـ): وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، تحقيق قاسم السامرائي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1422هـ/2002م، (3/340)؛ كعكي، عبدالعزيز بن عبدالرحمن، معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ط1، (1436هـ/2015م)، ج(4)، مج(2)، ص330.

(3) عبدالغني، محمد إلياس، المساجد الأثرية في المدينة النبويَّة، ط2، (المدينة المنورة: مطابع الرشيد، 1419هـ/1999م)، ص200؛ الفايدي، تاريخ طيبة في خير القرون، ص339؛ جلون عدنان بن درويش، مساجد ومصليات العهد النبوي الشريف مكة المكرمة بيت المقدس، مكتبه الملك فهد الوطنية، 2015م، ص200.

(4) جلون، مساجد ومصليات العهد النبوي، ص201؛ كعكي، معالم المدينة، ج(4)، مج(2)، ص330.

(5) السمهودي، علي بن عبد الله أبو الحسن (ت: 911هـ): وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، تحقيق قاسم السامرائي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1422هـ/2002م، (3/63).

(6) العياشي، إبراهيم بن علي (ت: 1400هـ): المدينة بين الماضي والحاضر، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ت: ط1392هـ-1972م، ص346.

(7) كعكي، معالم المدينة، ج(4)، مج(2)، ص331.

(8) كعكي، معالم المدينة، ج(4)، مج(2)، ص331.

(9) الخياري: أحمد ياسين أحمد (ت: 1380هـ): تاريخ معالم المدينة المنورة قديمًا وحديثًا، تعليق عبيد الله محمد آمين كردي، نادي المدينة المنورة الأدبي، المدينة المنورة، 1410هـ/1990م، ص185.

(10) العياشي، إبراهيم بن علي (ت: 1400هـ): المدينة بين الماضي والحاضر، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ت: ط1392هـ-1972م، ص346.

(11) كعكي، معالم المدينة، ج(4)، مج(2)، ص337.

(12) كعكي، معالم المدينة، ج(4)، مج(2)، ص336.

(13) كعكي، معالم المدينة، ج(4)، مج(2)، ص342.

(14) كعكي، معالم المدينة، ج(4)، مج(2)، ص333.

(15) الخياري، معالم المدينة، ص185؛ كعكي، معالم المدينة، ج(4)، مج(2)، ص334.

(16) العياشي، المدينة بين الماضي والحاضر، ص346؛ كعكي، معالم المدينة، ج(4)، مج(2)، ص334.

(17) كعكي، معالم المدينة، ج(4)، مج(2)، ص335، 336.

(18) كعكي، معالم المدينة، ج(4)، مج(2)، ص336.

كود لاظهار الخريطه

qrcode

روابط ذات صلة


صور المعلم