الاسم:
اشتهر هذا المسجد بثلاث أسماء، كلها تدل على أحداثٍ وقعت عنده أو على طبيعة المكان الذي أُقيم فيه وهي: مسجد الفتح، ومسجد الأحزاب، والمسجد الأعلى(1).
الموقع:
مسجد الفتح: أحد المساجد الواقعة على جبل سَلْع والتي كانت تعرف بمساجد الفتح حتى القرن الرابع عشر الهجري ثم أصبحت تعرف بالمساجد السبعة(2)، ويقع مسجد الفتح على جزء مرتفع من جبل سَلْع(3)، على هضبة مرتفعة نسبيًا في اتجاه الغرب، ويشرف المسجد من أعلى على شعب المساجد من الجهة الجنوبية، أما من الجهة الشرقية فيطل المسجد على بعض التكوينات الصخرية المكونة لجبل سلع، ومن الجهة الغربية يشرف المسجد على مقبرة في سفح الجبل ومسار طريق السيح، أما الجهة الشمالية فيشرف على منخفض الجبل بما فيه من عمائر سكنية(4)، ويبعد مسجد الفتح عن المسجد النبوي من الناحية الشمالية الغربية ثلاثة كيلو مترات(5)، ويمكن الوصول إليه عبر تقاطع طريق خالد بن الوليد مع شارع السيح.
وصفه ومآله:
كان مسجد الفتح على شكل مُصلَّى، ثم عمّره الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز أثناء ولايته على المدينة المنورة (87-93هـ/706-712م) حيث أقامه على نمط المسجد النبوي الشريف ويتكون من رواق واحد يفتح على رحبة من خلال ثلاث فتحات محمولة على ثلاث أسطوانات(6)، ثم تعرض للهدم فجدد بناءه الوزير الفاطمي سيف الدين الحسين بن أبي الهيجاء في عام 575هـ/1179-1180م فجعله رواقاً واحداً مغطى بقبو ينفتح من الجهة الشمالية على رحبة عن طريق ثلاثة عقود.
وقد بقي مسجد الفتح على تجديد سيف الدين الحسين بن أبي الهيجاء حتى عهد السلطان عبدالمجيد الأول حيث تم في عام 1270هـ/1853م إعادة تجديد هذا المسجد على نمط العمارة السابقة له ولم تتم إزالة أصل المسجد(7)، ومنذ عام 1399هـ/1979م خضع مسجد الفتح لترميمات وإصلاحات حيث قام الملك فهد بن عبدالعزيز -يرحمه الله- في عام 1411هـ/1991م بإصدار توجيهات تقضي بتجديده(8)، ثم أمر الملك عبد الله بن عبد العزيز يرحمه الله بتشكيل لجنة لترميمه وإصلاحه وذلك في عام 1430هـ/2009م(9)، والمسجد اليوم ما زال على بنائه من الحجر، ويتكون مسقطه الأفقي من قسمين هما: رواق القبلة الواقع في الجهة الجنوبية والقسم الآخر هو الصحن المكشوف الواقع في الجهة الشمالية، ويمكن الصعود إليه عبر درج ويتميز ببساطة بنائه وخلوه من الزخارف والنقوش(10).
الأحداث التاريخية المرتبطة به:
يحظى مسجد الفتح بمكانة دينية وتاريخية؛ وذلك لكونه أحد معالم غزوة الخندق (الأحزاب)، فقد كان هذا المسجد أحد المواضع التي عسكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم هو وصحابته(11)، وقد وردت أحاديث عن المسجد منها ما ذُكر في مسند الإمام أحمد وفي كتاب تاريخ المدينة المنورة لابن شبة (ت: 262هـ/876م) كتاب الدرة الثمينة في تاريخ المدينة لابن النجار لكن هذه الأحاديث رغم تداولها بين الكُتاب الذين تطرقوا إلى هذا المسجد فأغلبها ذات إسناد ضعيف(12).
أما من الناحية العمرانية فقد تعرض مسجد الفتح إلى الهدم مع مرور الزمن فجدد بناءه الوزير الفاطمي سيف الدين الحسين بن أبي الهيجاء(13)، وقد بقي مسجد الفتح على تجديد سيف الدين الحسين بن أبي الهيجاء حتى عهد السلطان عبدالمجيد الأول(14)، حيث تم في عام 1270هـ/1853م إعادة تجديد هذا المسجد على نمط العمارة السابقة له ولم يُزَلْ أصل المسجد بل اكتُفِيَ بسد الباكيتين الجانبيتين والإبقاء على الباكية الوسطى(15).
وقد حظي مسجد الفتح بعناية كبيرة وإعمار بتوجيهات كريمة من المسؤولين في المملكة العربية السعودية منذ عام 1399هـ/1979م حتى وقتنا الحاضر(16).
الملاحق:
الصورة الأولى(1):
صورة لمسجد الفتح من الجهة الجنوبية له ويظهر بها محرابه البارز إلى خارج المسجد.
الصورة الثانية(2):
صورة لمسجد الفتح من الجهة الشمالية ويظهر بها الفتحات الدائرية على جانبيّ رواق القبلة.
الصورة الثالثة(3):
صورة من داخل مسجد الفتح ويظهر بها رواق القبلة و الصحن المكشوف للمسجد.
(1) ابن شبة عمر(ت: 262هـ): تاريخ المدينة، حققه: فهيم محمد شلتوت طبع على نفقة: السيد حبيب محمود أحمد – جدة 1399هـ، (1/173-174)، (1/85)، السمهودي، علي بن عبد الله أبو الحسن (ت: 911هـ): وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، تحقيق قاسم السامرائي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1422هـ/2002م؛ الخياري، أحمد ياسين (ت: 1380هـ): تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً وحديثاً، تعليق عبيد الله محمد أمين كردي، دار العلم للطباعة والعلم، ط3 1412هـ-1991م، ص145؛ عبدالغني، محمد إلياس، المساجد الأثرية في المدينة النبويَّة، ط2، (المدينة المنورة: مطابع الرشيد، 1419هـ/1999م)، ص138-139.
(2) عبد الغني : المساجد الأثرية، ص137-138.
(3) جبل سلع: جبل أسود وهو أقرب الجبال للمسجد النبوي الشريف إذ تبلغ المسافة بينهما سبعمائة متر تقريباً من الشمال الغربي. كعكي، عبدالعزيز بن عبدالرحمن: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ط(1)، المدينة المنورة، 1432هـ/2011م، ج(4)، (مج4)، ص67.
(4) كعكي، معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج(4)، مج(4)، ص89.
(5) العياشي، ابراهيم بن علي (ت: 1400هـ/1980م)، المدينة بين الماضي والحاضر، د. ط، المدينة المنورة، المكتبة العلمية، 1392هـ/1972م، ص71.
(6) مصطفى، صالح لمعي، المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري، د. ط، بيروت: دار النهضة العربية للطباعة والنشر، ط1981م، ص184؛ كعكي، معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج(4)، مج(4)، ص91.
(7) السمهودي، وفاء الوفا، ص838؛ مصطفى: المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري، ص185-186؛ كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج(4)، مج(4)، ص91.
(8) محمد إلياس: المساجد الأثرية، ص140؛ كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج(4)، مج(4)، ص94.
(9) كعكي، معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج(4)، مج(1)، ص103-107.
(10) كعكي، معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج(4)، مج(4)،ص100-101.
(11) ابن سعد، محمد (المتوفى: 230هـ): الطبقات الكبرى، تحقيق محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية – بيروت،الطبعة: الأولى، 1410هـ - 1990م (2/51).
(12) عبد الله الأنصاري: المساجد السبعة تاريخاً وأحكاماً، ط(1)، المدينة المنورة: دار الغرباء الأثرية، د. ت، ص17-37.
(13) سيف الدين بن أبي الهيجاء: هو سيف الدّين المشطوب الهكاري عَليّ بن أَحْمد أبي الهيجاء بن عبد الله بن الْمَرْزُبَان بن عبد الله، أمير من الأكراد من ولاة صلاح الدين الأيوبي، توفي في مدينة القدس عام 588هـ/1192م. الصفدي، صلاح الدين خليل (ت: 764هـ/1362م)، الوافي بالوفيات، تحقيق: أحمد الأرناؤوط وتركي مصطفى، بيروت: دار إحياء التراث، 142هـ/2000م (20/120)، ابن خلكان، شمس الدين أحمد بن محمد (ت: 681هـ/1282م)، وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، تحقيق: إحسان عباس، بيروت: دار صادر. (1/180-182).
(14) عبدالمجيد الأول: بن محمود الثاني، ولد عام 1237هـ/1823م، تولى الحكم عام 1255هـ/1839م أجرى العديد من الإصلاحات في البلاد وأهتم بالعلوم والمعارف، استمر حكمه 22 عاماً، توفي عام 1277هـ/1861م آصاف، غرتلو يوسف (1357هـ/193م)، تاريخ سلاطين بني عثمان من أول نشأتهم حتى الآن، ط(1)، القاهرة: مكتبة مدبولي، 1415هـ/1995م، ص120-121.
(15) السمهودي، وفاء الوفا، ص838؛ مصطفى، المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري، ص185-186؛ كعكي، معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج(4)، مج(4)، ص91.
(16) عبدالغني، المساجد الأثرية، ص140؛ كعكي، معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج(4)، مج(4)، ص94.
الملاحق:
(1) تم التصوير بتاريخ 1443/4/3هـ.
(2) تم التصوير بتاريخ 1443/4/3هـ.
(3) تم التصوير بتاريخ 1443/4/3هـ.
روابط ذات صلة