مدرسة حسين أغا – حسين أفندي
الموقع الجغرافي:
تقع المدرسة في الجزء الجنوبي من حارة الأغوات(1)، جنوب(2) المسجد النبوي(3)، في آخر زقاق الرستمية(4)، حيثُ تقع على يسار السالك لهذا الطريق، والمتجه إلى المسجد النبوي(5).
التسمية:
قام بإنشاء هذهِ المدرسة حسين أغا الذي سماها باسمه، وعُرفت فيما بعد بمدرسة حسين أفندي(6)، فقد وردت لدى علي بن موسى تحت اسم مدرسة حسين أفندي(7).
ويُعد اسم مدرسة حسين أفندي، هو الاسم المتعارف عليهِ قديمًا لهذهِ المدرسة، وبهِ عُرفت حتى وقت قريب من عام 1433هـ/2012م(8).
التأسيس:
قام بتأسيس المدرسة حسين أغا في 15/11/1273هـ-7/7/1857م(9)، بعد أن تقاعد من وظيفته وقرر المجاورة في المدينة المنورة, وخصصها لتدريس العلوم الدينية(10)، وهي من أشهر مدارس حارة الأغوات وذروان، واحتوت المدرسة على مكتبة تحوي مئة كتاب(11)، وتميزت المدرسة عن باقي المدارس بتقديم الطعام مجانًا للقاطنين داخل تكية المدرسة والمجاورين لها، بالإضافة إلى تقديمه إلى أهل الحارة التي أقيمت بها المدرسة(12)، وقد أوقف حسين أغا على المدرسة العديد من الدور في المدينة المنورة(13)، ومصر(14).
الوصف المعماري:
أُنشئت هذهِ المدرسة في أرض مساحتها 158م، وتألفت من خمسة أدوار, كُسيت جُدرانها بالرخام, وتطُل من الخارج من خلال واجهتين(15): واجهة شمالية ومنها المدخل الرئيس، و واجهة شرقية عليها نوافذ صغيرة، وبقية الواجهات الجنوبية والغربية مصمتة تمامًا؛ لملاصقتها لمباني مجاورة(16).
وزُين مدخل المدرسة بمجموعة من الزخارف والنقوش النباتية يعلوه عقد من الحجر على هيئة نصف دائرة(17) مطلي بالألوان الحمراء والسوداء(18)، ويوجد في أعلى باب المدخل نص(19) من خمسة أسطر باللغة التركية العثمانية، والترجمة العربية للنص:
"بصنيعة للخير قرين أمنية ولولا إرفاق من فيض الله حسين بك الجورملي بوصفه من هذهِ القبيلة، جاء من بعيد إلى حدود مصر للخدمة، وجاء أيضًا ناظرًا لتكية مصر(20) في طيبة، فجعل بارقة لطف الإشراق لجبهتها، وفي النهاية أصبح متقاعدًا ومجاورًا وألحقه الحق بزمرة المحسنين، وقد شاهد لطفي كل خيراته تلك وأرخ: ما أجمل المدرسة التي بناها حسين بك، فأدخل وأنظر سنة 1273هـ/1857م"(21).
ومن خلال النص السابق نستنبط ما يلي:
أولًا: أن الواقف أنشأ المدرسة تقربًا إلى الله عز وجل، وأراد بصنيعتهِ الخير.
ثانيًا: أن النص الذي كُتب أمام المدرسة أعطى لقاصديها نبذة تعريفية ومختصرة عن الواقف، من حيث اسمه، وسبب مجيئه، والعام الذي أوقف فيه المدرسة.
ثالثًا: أن النص كُتب باللغة التركية العثمانية، وهذا يدل أن قاصديها لم يكونوا عربًا، ولا من أهل المدينة المنورة، وإنما أتراكًا.
ويحتوي دورها الأرضي على غرفتين كبيرتين(22) يتوسطها فناء(23)، يحيط بهِ أربعة أروقة ذات ثمانية عقود نصف دائرية(24) منها: ثلاثة عقود في كل من الجهتين الجنوبية والشمالية بينما الغربية والشرقية اشتملت كل منهما على عقدٍ واحدٍ، وترتكز هذهِ العقود على أعمدة من الحجر(25).
واحتوت بقية أدوار المدرسة على العديد من الغرف، فكل دور منها تضمن ثماني.. غرفا بخدماتها(26).
وقد انتقلت المدرسة بعد ذلك إلى مكان آخر –بعد أن أُزيل مبناها السابق(27)–، حيثُ انتقلت إلى خارج باب الشامي(28) وكانت أكبر مساحةً من المبنى السابق، فقد كان لها ثلاث واجهات خارجية، كما تألفت من ستة أدوار في دورها الأرضي أربع غرف ومطبخ بالإضافة إلى دورات المياه، بينما الأدوار الأخرى احتوت على ثماني غرف بخدماتها، وما يميز هذهِ المدرسة عن المدارس الأخرى في المدينة، هو وجود مصعد(29)؛ ساهم في تسهيل التنقل داخل أرجاء المدرسة.
مخصصات المدرسة:
خصص الواقف 2916 قرشًا للمدرسة والعاملين بها(30)، وجعل أول ما يُصرف منها على تعمير أوقافه وترميمها حتى لا ينضب ريعها(31)، وصُرف -بعد ذلك- منها لـمُدرّس المدرسة وناظرها 100 قرش؛ مقابل تدريسه ونظارته، والباقي من المبلغ المذكور أعلاه يُصرف لمستلزمات المدرسة من حِبال ودلاء وماء وزيت للقناديل، بالإضافة إلى تعمير المدرسة وترميمها –إذا احتاجت ذلك– وما بقي من المبلغ بعد إخراج ثمن ما سبق ذكره يُقسم بين طلبة العلم الساكنين بالمدرسة بالسوية(32).
شروط الواقف على منسوبي المدرسة:
لقد شرط الواقف شروطًا على منسوبي المدرسة، ومن لا تنطبق عليهِ الشروط منهم، عليهِ الخروج من المدرسة.
وكان ناظر المدرسة هو الواقف نفسه حسين أغا، وجعل على نظارة المدرسة من بعده مُدرس المدرسة أيما كان، ولمدير المسجد النبوي محاسبة الناظر في توزيع ريع الأوقاف على مستحقيها(33)، وأن لا يسكن المدرسة إلا أهل الروم, والمحروم من الأهل والصنْعة، وإن اتخذ أحدٌ منهم حرفة أو صنعة أو بسط دُكانا في السوق أو تزوج، فينبغي أن يخرج من المدرسة؛ لأنه خالف الشروط(34).
ومن كان من الطلبة من هو أعلم من الـمُدرّس، فله الخيار في حضور الدرس إن شاء حضر، وإن شاء لم يحضر(35).
وقد أعطى الواقف ناظر المدرسة صلاحية طرد من لا يحترم الـمُدرس ويُعانده، وإن كان أحد من الطلبة بهذهِ الصفة، فيحق للناظر إخراجه من المدرسة(36).
المدرسة في القرن الرابع عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي):
ظلّت المدرسةُ تعمل حتى أُزيلت في التوسعةِ السعوديةِ الأولى للمسجد النبوي(37)؛ وذلك في عهد الملك عبد العزيز -رحمه الله- عام 1370هـ/1950م(38)، وقامت الدولةُ بصرْف تعويضاتٍ للدُورِ التي هُدمت(39)؛ ومنها مدرسة حسين أغا أفندي التي عُوض ناظرها بمبلغ قدره خمسة ملايين وثلاثة وسبعون ألفا وأربعمائة وأربعة وثلاثون ريالاً(40).
وأمّا مبناها الثاني الذي كان خارج باب الشامي، قد ظل قائمًا إلى أن أُزيل في مشروع تحسين شوارع المدينة (41)، عام 1381هـ/1961م(42)، وتم التعويض عنهُ.
صورة رقم (1)
خريطة تُوضح موقع مدرسة حسين أغا بالنسبة للمسجد النبوي(43).
صورة رقم (2)
صورة لمدخل المدرسة الشمالي، ويظهر في أعلاها النص دون وضوح(44).
صورة رقم (3)
مسقط أفقي للدور الأرضي للمدرسة، يظهر فيه الفناء الأوسط، والغرف التي أشرفت عليه عبر ممر يحيط بالفناء الأوسط(45).
صورة رقم (4)
صورة تمثل الزاوية الشمالية الغربية, يتضح فيها شكل الأعمدة وتصميمها, وتبدو أثناء الهدم والإزالة(46).
صورة رقم (5)
صورة تمثل بعض العقود العرضية في الممر المحيط بالصحن, كما يظهر جزء من الفناء الأوسط للمدرسة قُبيل الهدم(47).
(1) صالح لمعي: المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري: (219)؛ الحصين: دور الوقف في تأسيس المدارس والأربطة: (81).
(2) يُنظر: صورة رقم (22).
(3) صالح لمعي: المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري: (219).
(4) يقع في شرق المسجد النبوي في حارة الأغوات، وهو من الأزقة غير المفضيةإلى شارع أو غيره.(الخياري: صور من الحياة الاجتماعية بالمدينة المنورة: (31، 32، 41)).
(5) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (538).
(6) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (536).
(7) الجاسر: رسائل في تاريخ المدينة: (52).
(8) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (546).
(9) صك شراء عمارة بديلة لوقف حسين أغا، محكمة المدينة المنورة، عدد 5/12، صحيفة 14، جلد 12، 6/7/1403هـ.
(10) عبد الباسط بدر: التاريخ الشامل للمدينة المنورة، ج3: (98).
(11) إبراهيم رفعت باشا: مرآة الحرمين، ج1: (423).
(12) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (538).
(13) الصديقي: أثر الوقف الإسلامي في الحياة العلمية بالمدينة المنورة: (162، 163).
(14) الحربي: الحياة العلمية في المدينة المنورة، ج1: (380).
(15) صك شراء عمارة بديلة لوقف حسين أغا، محكمة المدينة المنورة، عدد 5/12، صحيفة 14، جلد 12، 6/7/1403هـ.
(16) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (538).
(17) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (539).
(18) الأنصاري: التعليم في المدينة المنورة: (299)؛ مكي: التراث المعماري لحارتي الأغوات وذروان: (393).
(19) يُنظر: صورة رقم (23).
(20) يُقصد بها التكية المصرية، وهي من أشهر وأهم تكايا المدينة المنورة، أوقفها والي مصر آنذاك محمد علي باشا في المناخة على يسار الداخل من باب العنبرية لفقراء المدينة المنورة، وأمر ابنه إبراهيم باشا بإنشائها عام 1232هـ/1816م مزودة بمطابخ وأفران، وكان يُرسل لها من مصر كميات وفيرة من القمح والأرز، فضلًا عن الرواتب المخصصة للناظر والموظفين القائمين على التكية. (إبراهيم رفعت باشا: مرآة الحرمين، ج1: (424)؛ ياسين: الرحلة إلى المدينة المنورة: (146)؛ صالح لمعي: المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري: (223، 224).
(21) صالح لمعي: المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري: (221، 222).
(22) صك شراء عمارة بديلة لوقف حسين أغا، محكمة المدينة المنورة، عدد 5/12، صحيفة 14، جلد 12، 6/7/1403هـ.
(23) يُنظر: صورة رقم (24).
(24) يُنظر: صورة رقم (25)، (26).
(25) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (540).
(26) صك شراء عمارة بديلة لوقف حسين أغا، محكمة المدينة المنورة، عدد 5/12، صحيفة 14، جلد 12، 6/7/1403هـ.
(27) سنتحدث لاحقًا عن إزالتها.
(28) هو أحد أبواب سور المدينة المنورة الأول الذي يسمى الداخلي والجواني، يعود تاريخ بنائه إلى عام 263هـ/1867م ويقع في الجهة الشمالية الغربية من المسجد النبوي، وأزيل هذا الباب مع السور عام 1370هـ/ 1950م. ( البرزنجي: نزهة الناظرين: (227)؛ الخياري: معالم المدينة المنورة قديمًا وحديثًا: (251)؛ صالح لمعي: المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري: (30)؛ كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج3، مج2، (390، 448).
(29) صك إذن القاضي بشراء العمارة المذكورة لصالح وقف حسين أغا المهدوم، عدد 11/12، صحيفة 27، جلد 12، محكمة المدينة المنورة، 13/7/1403هـ.
(30) الصديقي: أثر الوقف الإسلامي في الحياة العلمية بالمدينة المنورة: (163)؛ الحربي: الحياة العلمية في المدينة المنورة، ج1: (378).
(31) الصديقي: أثر الوقف الإسلامي في الحياة العلمية بالمدينة المنورة: (163).
(32) صك شراء عمارة بديلة لوقف حسين أغا،محكمة المدينة المنورة، عدد 5/12، صحيفة 14، جلد 12، 6/7/1403هـ.
(33) الحربي: الحياة العلمية في المدينة المنورة، ج1: (378، 379).
(34) الصديقي: أثر الوقف الإسلامي في الحياة العلمية بالمدينة المنورة: (163).
(35) الصديقي: أثر الوقف الإسلامي في الحياة العلمية بالمدينة المنورة: (164)؛ الحربي: الحياة العلمية في المدينة المنورة، ج1: (377).
(36) الصديقي: أثر الوقف الإسلامي في الحياة العلمية بالمدينة المنورة، ص164.
(37) الخياري: تاريخ معالم المدينة المنورة قديمًا وحديثًا: (168)؛ الأنصاري: عمارة وتوسعة المسجد النبوي، ص163، 165؛ علي حافظ: فصول من تاريخ المدينة المنورة: (95، 96).
(38) الأنصاري: عمارة وتوسعة المسجد النبوي: (163، 165)؛ علي حافظ: فصول من تاريخ المدينة المنورة: (95، 96).
(39) الأنصاري: عمارة وتوسعة المسجد النبوي: (165)..
(40) صك إذن القاضي بشراء العمارة المذكورة لصالح وقف حسين أغا المهدوم، عدد11/12، صحيفة 27، جلد 12، محكمة المدينة المنورة، 13/7/1403هـ.
(41) عبد الباسط بدر: التاريخ الشامل للمدينة المنورة، ج3: (98)؛ الصديقي: أثر الوقف الإسلامي في الحياة العلمية بالمدينة المنورة: (164).
(42) علي حافظ: فصول من تاريخ المدينة المنورة: (319، 320).
(43) خريطة من مركز بحوث ودراسات المدينة.
(44) صالح لمعي: المدينة المنورة تطورها العمراني وتراثها المعماري: (220).
(45) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (541).
(46) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (542).
(47) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (543).
روابط ذات صلة