مدرسة محمد أغا دار السعادة


مدرسة محمد أغا دار السعادة


الموقع الجغرافي:
تقع المدرسة في شمال المدينة المنورة، في الجهة الشرقية الجنوبية من المسجد النبوي
(1)، في حارة ذروان(2).


التسمية: 


سُميت مدرسة محمد(3) أغا دار السعادة(4) باسم مُنشئها ومؤسسها محمد أغا دار السعادة(5).


التأسيس:


تُعد مدرسة محمد أغا دار السعادة من المدارس الكبيرة التي لم تأخذ حقها من التوثيق والتسجيل؛ لذلك لم يصلنا تاريخ محدد لإنشائها، إلا أن المتفق عليه أنها أُنشئت في أوائل العصر العثماني(6).  


  مُخصصات المدرسة:


كان لمدرسة محمد أغا دار السعادة مخصصات مالية تأتيها من الدولة العثمانية، فأول مخصص مالي أُرسل إلى طلابها كان في عام 1003هـ/1594م(7).


وكانت تلك المخصصات تصلها مع أُمناء الصُرَّة الهمايونية(8)، فقد أُرسل لها عام 1087هـ/1676م مخصصٌ ..ماليٌ..(9)، كما أُرسل لها في 7 /2/1327هـ- /28 /2/ 1909م، 563,50 قرشًا(10) من الصُرَّة الهمايونية(11).   


ونستنتج مما سبق مدى عناية الدولة العثمانية بهذهِ المدرسة، فقد خصصت لها من ضمن الصُرَّة الهمايونية التي تصل إلى الحجاز مخصصًا ماليًا؛ حتى تستمر رسالتها العلمية لأبناء المدينة المنورة، وربما ما ذكرناه سابقًا، نزرًا يسيرًا من تلك المخصصات، نظرًا لضآلة المعلومات حول هذهِ المدرسة.


منسوبو المدرسة: 


تولى التدريس في هذهِ المدرسة العديد من العلماء ومنهم:
يوسف الشرواني
(12)(ت1134هـ/1721م) الذي تولى التدريس بها(13) لفترة طويلة(14)، ثم تولى بعده ابنهُ مصطفى يوسف الشرواني(15)(ت1164هـ/1750م)(16), وكان ناظرَ هذهِ المدرسة الشيخ محمد الحفناوي(17)(ت1181هـ/1767م)(18).


مواد الدراسة:


كانت المناهج الدِراسية التي تُدرّس للطلاب - في الغالب – تنبثق في مواد رئيسة في علوم الدين الإسلامي كالقرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف، والفقه.
وقد كانت فئة الطلاب الدراسين في مدرسة محمد أغا دار السعادة، هم الأطفال؛ لذلك حرص مُدرّسوهم على تأديبهم وتعليمهم الوضوء والفاتحة, بالإضافة إلى تحفيظهم باقي سور القرآن الكريم, وإعطائهم دروس علمية في الحديث النبوي الشريف والفقه
(19)


المدرسة في القرن الرابع عشر الهجري(التاسع عشر الميلادي):


لم تحظ هذهِ المدرسة بالعناية في تسجيل تاريخها, فالمعلومات حولها قليلة، ولم يصلنا تاريخ توقفها عن العمل، وما وجدناه كان بمثابة إشارات عرضية استنبطنا من خلالها تاريخ تقريبي لتوقف التدريس بها.  


وقد انْتُزعت المدرسة من يد مُدرّسها مصطفى يوسف الشرواني السالف الذكر، وذلك بفرمان(20) سلطاني من قبل جعفر البرزنجي(21)(ت1177هـ/1764م) بحجة أنها كانت لوالدة حسن البرزنجي؛ ولذلك سافر مُدرّسها مصطفى إلى إستانبول لطلبها، لكنها لم تُردَّ إليه، إلا أنهُ عُوِّض عنها بمئة قرش عن وظيفة تدريس مُجددة، وقد حاول رد المدرسة أخوه أحمد بن يوسف الشرواني(22) (ت1182هـ/1768م)، لكنهُ لم ينجح في ردها، وظلت المدرسة في يد آل البرزنجي.


ونستنبط مما ذكرناه سابقًا من آخر مخصص من مُخصصات المدرسة التي أُرسلت في 7 /2/1327هـ- /28 /2/ 1909م أن المدرسة لم تتوقف عن العمل بعدما انتزعها جعفر البرزنجي، فقد ظلت مستمرة تؤدي رسالتها العلمية لأبناء المدينة المنورة، حتى القرن الرابع عشر الهجري(التاسع عشر الميلادي).
وربما واصلت مسيرتها التعليمية وانتهت بنهاية حارة ذروان التي كانت المدرسة فيها، فقد هُدمت الحارة عام 1405هـ/1985م، وذلك لتنفيذ مشروع توسعة المسجد النبوي وعمارته.


(1) مكي: التراث المعماري في حارتي الأغوات وذروان: (381).
(2) الحصين: دور الوقف في تأسيس المدارس والأربطة: (70). وحارة ذروان من أقدم حارات المدينة المنورة، وكانت تقع جنوب المسجد النبوي، وتعود تسميتها إلى بئر كان يُسمى بذروان، وأُزيل هذا الحي في توسعة المسجد النبوي عام 1405هـ/1985م  وعمارته في عهد الملك فهد بن عبد العزيز –رحمه الله- وهي اليوم ضمن توسعة المسجد النبوي في جهته الجنوبية.(الفيروز آبادي: المغانم المطابة في معالم طابة: (146)؛ كعكي: المجموعة المصورة لأشهر معالم المدينة المنورة، ج3: (325)؛ التونسي: المكتبات العامة بالمدينة المنورة: (38)؛ مكي: التراث المعماري في حارتي الأغوات وذروان: (383)).  
(3) تولى محمد أغا دار السعادة مشيخة المسجد النبوي عام 1136هـ/1723م  ويظهر من خلال ترجمتهِ أنهُ بنّاءٌ ماهرٌ.. فقد بنى العديد من الأقبية لمساجد المدينة المنورة. (عبد الرحمن الأنصاري: تحفة المحبين: (64)).
(4) أغا كلمة تركية محرفة عن أصلها الفارسي آقا أو آفا، وهي بمعنى السيد الآمر، استعملها الأتراك على الخصيان داخل القصر السلطاني وأجنحة النساء، ودار السعادة هي دارالحكم وقُصِد بهِ إستانبول، وأُطلق كذلك على قصور السلاطين، وأغا دار السعادة لقب وظيفي كبير فهو من أكبر موظفي القصر الهمايوني، وشُرفوا بنظارة أوقاف الحرمين الشريفين، كما تمتعوا برتبة عالية فهي تلي رتبة الصدر الأعظم وشيخ الإسلام. (الخطيب: معجم المصطلحات والألقاب التاريخية: (11, 12)؛ سهيل صابان: المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية: (108)؛ بركات: الألقاب والوظائف العثمانية: (184).
(5) الحربي: الحياة العلمية في المدينة المنورة، ج1: (365).
(6) عبد الباسط بدر: التاريخ الشامل للمدينة المنورة، ج3، 93؛ كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (535)؛ الحربي: الحياة العلمية في المدينة المنورة، ج1: (365)؛ الهيئة العامة للأوقاف: الأوقاف التاريخية في المدينة المنورة: (55)؛ الحصين: دور الوقف في تأسيس المدارس والأربطة: (70).
(7) الهيئة العامة للأوقاف: الأوقاف التاريخية في المدينة المنورة: (55).
(8) الصُرَّة معناها اللغوي ما يُصرُّ على الشيء، وهي كلمة عربية تعني كيس النقود، واستخدم للهدية أيضًا، كما استخدم في المبالغ المالية التي كانت تُرسل من لدن السلاطين العثمانيين إلى مجاوري مكة والمدينة من الحُكام والسادة والأشراف والأعيان والفقراء، وقد كانت قافلة الصُرَّة تخرج من إستانبول في الثاني عشر من شهر رجب من كل عام متوجهة إلى الحجاز، وكان أمين الصُرَّة المسؤول الأول في توصيلها إلى الحجاز.(الخطيب: معجم المصطلحات والألقاب التاريخية: (289, 290)؛ سهيل صابان: المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية: (144)).      
(9) الحربي: الحياة العلمية في المدينة المنورة، ج1: (365).
(10) هو عملة فضية أساسية في النقود العثمانية أخذها العثمانيون عن الأوروبيين بدأ ضربها عام 1147هـ/1734م وكان وزنها تسعة دراهم، ثم بدأت عملتها تتناقص عيارًا ووزنًا حتى أصبح وزنها يساوي أقل من نصف درهم.(سهيل صابان: المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية التاريخية: (179)؛ الحريري: النقود المتداولة في الدولة العثمانية: (109)).  
(11) سهيل صابان: سجلات الصُرّةَ وفحواها: (444).
(12) يوسف بن إبراهيم بن محمد الزهري الشرواني من علماء المدينة المنورة، وكان مُحدثًا وفقيهًا وإمامًا وخطيبًا فقد تولى نيابة الإفتاء والقضاء بالإضافة إلى التدريس بمدرسة محمد أغا دار السعادة، ولهُ العديد من المؤلفات. (عبد الرحمن الأنصاري: تحفة المحبين: (301)؛ المرادي: سلك الدرر، ج4: (239)، 240؛  مجهول: تراجم أعيان المدينة المنورة: (17, 18).    
(13) عبد الرحمن الأنصاري: تحفة المحبين: (301).
(14) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج6، مج1: (535).
(15) مصطفى بن يوسف بن إبراهيم الشرواني, وُلد بالمدينة عام 1088هـ/1677م ونشأ نشأةً صالحةً وطلب العلم حتى صار إمامًا وخطيبًا، فتولى مشيخة الخُطباء ونيابة القضاء بالإضافة إلى عمله مُدرسًا بمدرسة محمد أغا دار السعادة.(عبد الرحمن الأنصاري: تحفة المحبين: (302)؛ المرادي: سلك الدرر، ج4: (219)؛ مجهول: تراجم أعيان المدينة المنورة: (24).    
(16) المرادي: سلك الدرر، ج4: (219)؛ عبد الرحمن الأنصاري: تحفة المحبين: (302).
(17) محمد بن سالم الحفني أو الحفناوي وُلد بحفنة من قرى بلبيس في مصر، تلقى تعليمة في الأزهر، ثم درّس فيه, لهُ العديد من المؤلفات أشهرها الثمرة البهية في أسماء الصحابة البدرية. (المرداي: سلك الدرر، ج4: (49)؛ الزركلي: الأعلام، ج6: (134). 
(18) بيومي: الحركة العلمية في المدينة المنورة: (51). 
(19) بيومي: الحركة العلمية في المدينة المنورة: (51)؛ الحربي: الحياة العلمية في المدينة المنورة، ج1: (366).
(20) هو فرمان يصدُر من السلطان في قضية من القضايا ويشتمل عادةً على طُغراء(توقيع) ونوع الفرمان والسبب الذي أدى إلى إصداره، والغرض منهُ والتاريخ. (سهيل صابان: المعجم الموسوعي للمصطلحات العثمانية: (164).  
(21) جعفر بن حسن بن عبد الكريم البرزنجي وُلد بالمدينة المنورة وتولى بها الخطابة والإفتاء، فقد كان مفتيًا للشافعية بالإضافة إلى تدريسه بالمسجد النبوي، ولهُ مؤلفات نافعة.(المرادي: سلك الدرر، ج2: (9)؛ الجبرتي: تاريخ عجائب الآثار في التراجم والأخبار، ج1: (403).
(22) أحمد بن يوسف الشرواني نشأ على طلب العلم بجد واجتهاد، وعُين شيخًا على الخطباء. (عبد الرحمن الأنصاري: تحفة المحبين: (303). 

 

كود لاظهار الخريطه

qrcode

روابط ذات صلة


صور المعلم

qrcode