الاسم:
أُحُد -بضم الهمزة والمهملة-(1)، وقد سمي أحد بهذا الاسم إما لكونه وحيداً ومنقطعاً عن الجبال الأخرى، أو لما وقع من أهله من نصر التوحيد، أو لأن الله أراد إظهار هذا الاسم علماً عليه كاسم مشتق من وحدانية الله(2). وقد قيل أيضاً بأنه سمي بذلك نسبةً إلى رجل من العماليق اسمه: أُحُد سكن إلى جوار الجبل فسمي باسمه(3).
الموقع:
يقع بناحية المدينة على ثلاثة أميال منها في شاميها(4) أشهر جبال المدينة وأحبّها إلى قلوب المسلمين، يقع في الجهة الشمالية منها، على بعد خمسة كيلو مترات من المسجد النبويّ(5). ويمتاز الجبل بموقع استراتيجيّ هام لما يمتلكه من اطلالات مميزة تكشف أودية المدينة وواحاتها الخضراء وهو يمتدّ من الشرق إلى الغرب مع ميل طفيف نحو الشّمال(6).
وصفه ومآله:
هو جبل صخري يبلغ طوله سبعة كيلو مترات، وعرضه يتراوح ما بين اثنين إلى ثلاثة أكيال، وأقصى ارتفاع له عن سطح البحر 1077 متراً.
وهو على هيئة سلسلة جبليّة ذات ذرىً وهضاب متلاحمة كوّنت وحدة هذا الجبل، تتخلّلها منفرجات طبيعيّة، ويحف الجبل من نواحيه المختلفة مسايل الأودية(7) وتنتشر في جميع أجزاء الجبل كهوف وتجاويف كثيرة، تختلف في سعتها وأحجامها، تأوي إليها أنواع الطيور بقصد بناء أعشاشها، أو الاستظلال بفيئها(8).
يميل الجبل إلى اللون الأحمر بشكله العام؛ لكنه مطعم بألوان جميلة متعددة، منها: الأخضر؛ والأزرق؛ والبني؛ والأبيض؛ والأسود وغيرها من الألوان التي تنم عن تنوع صخري كبير، ومعادن مختزنة(9).
وأما اليوم فقد أصبح عمران المدينة متصلاً به، ومحيطاً بكل جوانبه، وبأسفله توجد أحياء ومراكز صحية وتعليمية، ومساجد ذات مآذن عالية، وأحيط بشبكة من الطرقات المسفلة، التي تسهل الوصل إليه.
الأحداث التاريخية المرتبطة به:
ارتبط بهذا الجبل ثاني أعظم معركة في تاريخ المسلمين، وهي غزوة أحد، والتي وقعت بالقرب من هذا الجبل فحملت اسمه(10)، وقد وقعت فيها أحداث سجلتها معالم هذا الجبل، منها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما لجأ إلى فم الشعب من أحد؛ وكانت هناك صخرة، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلوها، وقد كان بدن وظاهر بين درعين؛ فلم يستطع أن يرقاها، فجلس طلحة بن عبيد الله تحته ونهض به حتى استوى عليها وبشره بالجنة(11)، ومن أحد مهاريس هذا الجبل غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وجهه الشريف الدم يوم
أحد(12)، ولأُحد علاقة قوية بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته، وهذه العلاقة مؤرخة بصعود النبي صلى الله هو وأبو بكر وعمر وعثمان رضوان الله عليهم على أحد مرة فاهتز فقال اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدين(13)، وفي أحد مسجد صغير يروي ابن شبة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه الظهر والعصر بعد انقضاء القتال(14).
ونظراً لما يحويه هذا الجبل، وما ورد فيه من أحاديث ولهذا فقد بقيت مكانته وعلاقته قوية بالمسلمين على مر التاريخ، فما من أحد يزور المدينة، إلا ولأُحد نصيب من هذه الزيارة.
(1) ابن حجر، أحمد بن علي (ت: 852هـ): فتح الباري شرح صحيح البخاري، دار المعرفة - بيروت، 1379 رقم كتبه وأبوابه وأحاديثه: محمد فؤاد عبد الباقي قام بإخراجه وصححه وأشرف على طبعه: محب الدين الخطيب عليه تعليقات العلامة: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، (345/7)، الفيروز آبادي، مجد الدين (ت: 817هـ/141م)، المغانم المُطابة في معالم طابة، تحقيق: حمد الجاسر، ط1، (الرياض: دار اليمامة، 1389هـ/1969م)، (726/2)، العباسي، أحمد بن عبد الحميد (المتوفي في القرن العاشر الهجري): عمدة الأخبار في مدينة المختار صححه وحرر ألفاظه: محمد الطيّب الأنصاري وقام بتصحيحه: حمد الجاسم، توزيع المكتبة العِلميَّة - المدَينة المُنورّة ط5، ص202.
(2) السهيلي، أبو القاسم (581هـ): الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام، تحقيق عمر عبد السلام تدمري، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 1421هـ/2000م، (296-5/298)، الفيروز آبادي: المغانم المطابة، (726-2/728)، السمهودي، علي بن عبد الله أبو الحسن (ت: 911هـ): وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، تحقيق قاسم السامرائي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1422هـ/2002م (317/3)، العباسي: عمدة الأخبار، ص202، كعكي عبد العزيز: معالم المدينة بين العمارة والتاريخ، المعالم الطبيعية الجبال، دار ومكتبة الهلال (125/1).
(3) الشنقيطي، محمد غالي (ت: 1409هـ/1988م)، الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، د. ط، (قطر: مطابع الدوحة الحديثة، د. ت)، ص179.
(4) السمهودي: وفاء الوفاء، (316/3).
(5) العياشي، إبراهيم علي (ت: 1400هـ/1980م): المدينة بين الماضي والحاضر، د. ط، (د. ن، 1392هـ/1972م)، ص522.
(6) كعكي، معالم المدينة بين العمارة والتاريخ (121/1).
(7) العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص522، الخياري، أحمد ياسين (ت: 1380هـ): تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً وحديثاً، تعليق عبيد الله محمد أمين كردي، دار العلم للطباعة والعلم، ط3 1412هـ-1991م، ص222، كعكي: معالم المدينة بين العمارة والتاريخ، (134-1/140).
(8) الخياري: تاريخ معالم المدينة، ص222، كعكي: معالم المدينة بين العمارة والتاريخ، (134-1/140).
(9) كعكي: معالم المدينة بين العمارة والتاريخ، (134-1/140).
(10) الفيروز آبادي: المغانم المطابة، (730/3).
(11) انظر: الإمام أحمد (241هـ) المسند، تحقيق: شعيب الأرنؤوط - عادل مرشد، وآخرون، مؤسسة الرسالة، الطبعة: الأولى، 1421هـ-2001م (33/3 ح: 1417) الحاكم، محمد بن عبد الله (ت: 405هـ): المستدرك على الصحيحين، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى، 1411–1990، ج28/3، وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ابن سيد الناس محمد (ت: 734هـ): عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير تعليق: إبراهيم محمد رمضان، دار القلم – بيروت، ط1 1414هـ-1993م، 421/2.
(12) البخاري محمد بن إسماعيل (ت: 256هـ): الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، تحقيق محمد زهير بن ناصر الناصر، دار طوق النجاة، ط1، 1422هـ، باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أحد، (101/5) حديث رقم (4075)، كعكي: معالم المدينة بين العمارة والتاريخ، (149/1).
(13) البخاري: صحيح البخاري، باب ما أصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الجراح يوم أحد، (9/5) حديث رقم (3675).
(14) ابن شبة عمر (ت: 262هـ): تاريخ المدينة، حققه: فهيم محمد شلتوت طبع على نفقة: السيد حبيب محمود أحمد – جدة 1399هـ، (57/1).