حرة شوران

 


الاسم:


شَوْران -بفتح الشين المعجمة وسكون الواو-، فيما لم تؤكد المصادر التاريخية سبب تسمية حرة شَوْران بهذا الاسم؛ لكن يُحتمل اشتقاقها من لفظ "شرت الدّابة شوراً إذا عرضتها عليَّ، ولعلّ ذلك الموضع قد كانت تعرض فيه الدواب"(1).


الموقع:


تقع حرة شَوْران في الجهة الجنوبية للمدينة المنورة والتي تنقسم إلى قسمين أولهما حرة معصم العليا وهي الممتدة من جنوبي قربان(2) وتعلو عنها وعن قباء وتمثل هذه الحرة الجزء الأكبر من الحرة الجنوبية، أما القسم الآخر فهو عبارة عن مجموعة من الحرات الصغيرة ذات الأسماء المحلية وتمثل هذه الحرات الأجزاء الوسطى والغربية والشرقية من مجمل الحرة الجنوبية ومن أبرز هذه الحرات وأهمها حرة شوران ثم حرة مَيْطان(3) وهي جزء منها، بالإضافة إلى الجزء الجنوبي من حرة العصبة وحرة بطحان(4).

وقد اختلف المؤرخون في إطلاق لفظ شوران على حرار القسم الثاني من الحرة الجنوبية فمنهم من خص هذا الاسم بمعالم فيها كجبلٍ ووادي(5) ومنهم من أطلقه على الحرة ذاتها(6) وهذا الرأي هو الذي أجمع عليه أكثر المؤرخين(7)، ويبلغ طول حرة شوران من ناحية الشمال إلى الجنوب أحد عشر كيلومتر تقريباً فيما يبلغ عرضها من ناحية الشرق إلى الغرب بأكثر من ثمانية كيلومترات تقريباً، وتبعد حرة شوران عن المسجد النبوي الشريف حوالي ستة كيلومترات تقريباً نحو الجنوب(8).


وصفه ومآله:


تميزت حرة شوران بتنوع خصائصها الجغرافية، وتعدد تضاريسها، فضمت بين جنباتها جبالاً وأودية ومنحدرات طبيعية بالإضافة إلى وعورة أجزاء منها وخصوبة أجزاء أخرى، كما حملت بعض المعالم فيها لفظ: "شوران" كجبل شوران الواقع على يسار السالك لمكة المكرمة عن طريق العقيق(9).

وتعد حرة شوران من أخصب حرار المدينة المنورة وأوفرها ماءً وتكثر بها المزارع والبساتين بالإضافة إلى تواجد الكثير من النباتات والمراعي الطبيعية على مسارات الأودية والشعاب وخاصةً شعاب وادي بطحان(10) لكنها في ذات الوقت تعتبر من الحرات الوعرة وتتركز وعورتها في الجهة الشرقية والجنوبية وخاصةً منطقة بطحان وما حولها(11).

وأما اليوم فقد حظيت حرة شوران بنهضة عمرانية كبيرة حيث تم تقسيمها إلى أحياء جديدة استخدمت في تسميتها أسماء المناطق المعروفة بها كحي العصبة وحي الرانوناء وحي السد، وغيرها(12).


الأحداث التاريخية المرتبطة به:


تداولت المصادر التاريخية حديثاً عن حرة شوران مرويُّ عن الزبير عن محمد بن عبدالرحمن، قال: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم إبلاً في السوق، فأعجبه سمنها فقال: أين كانت ترعى هذه؟ قالوا: بحرة شوران، فقال: بارك الله في شوران(13)، ولايوجد إثبات يؤكد صحة هذا الحديث فهو لم يرد إلا بالمصادر التاريخية فقط، ولكن هذا لا ينفي مكانة هذه الحرة، فيكفيها أنها أحد أهم المواضع في المدينة المنورة، وهي تمتاز بخصائص جغرافية ومناخية كثيرة.

كما وأشارت بعض المصادر التاريخية إلى تاريخ وماضي حرة شوران وما نعمت به من خيرات عظيمة إذ يذكرون أنه ليس في جبال المدينة نبت ولا ماء غير شوران فإن فيه مياه سماء كثيرة، وفي كلها سمك أسود مقدار الذراع ودون ذلك أطيب سمك يكون(14).

 

 


(1) الفيروز آبادي، مجدالدين(ت: 817هـ/1415م)، المغانم المطابة في معالم طابة، الرياض، ط1، دار اليمامة للبحث والنشر والتوزيع، 1389هـ/1969م، ص109، ص210.

(2) قربان: يقع في الجنوب الشرقي للمدينة المنورة وكان في السابق اسم لقرية مجاورة لقباء من جهة الشرق وتبعد مسافة ثلاثة أكيال من المدينة المنورة أما اليوم مع اقتراب البنيان فهو حي من أحيائها. البلادي، عاتق بن غيث، معجم معالم الحجاز، ط2، مكة المكرمة، دار مكة للنشر والتوزيع، 1431هـ، ص216، 1366.

(3) حرة مَيْطان: هي أحد أقسام الحرة الجنوبية، ومَيْطان بفتح أوله وسكون ثانيه فهو جبل من جبال المدينة المنورة يقابل شوران وبه بئر تسمى بضعة وليس به نبات. الفيروز آبادي، المغانم المطابة في معالم طابة، ص399.

(4) كعكي، عبدالعزيز بن عبدالرحمن، معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ط1، المدينة المنورة، 1432هـ/2011م. ج1، مج2، ص494؛ رجب،المدينة المنورة اقتصاديات المكان، ص59.

(5) الفيروز آبادي، المغانم المطابة في معالم طابة، ص210؛ العباسي، أحمد بن عبد الحميد (المتوفي في القرن العاشر الهجري): عمدة الأخبار في مدينة المختار صححه وحرر ألفاظه: محمد الطيّب الأنصاري وقام بتصحيحه: حمد الجاسم، توزيع المكتبة العِلميَّة - المدَينة المُنورّة الطبعة: الخامسة، ص357.

(6) السمهودي، نور الدين علي (ت: 911هـ/1505م): وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، تحقيق: قاسم السامرائي، ط1، ج4، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 1422هـ/2001م، ج4، ص346؛ وابن زبالة، أخبار المدينة، ص228؛ العياشي، المدينة بين الماضي والحاضر، ص533؛ حافظ عبدالسلام هاشم (ت: 1416هـ/1995م)، المدينة المنورة في التاريخ، ط3، دمشق, الوكالة العامة للتوزيع، 1402هـ/1982م، ص48.

(7) كعكي، معالم المدينة بين العمارة والتاريخ، ج1، مج2، ص495.

(8) كعكي، معالم المدينة بين العمارة والتاريخ، ج1، مج2، ص497.

(9) العَقِيق:  اسم لكل مسيل ماء شقه السيل في الأرض فأنهره ووسعه، وهو من أشهر أودية المدينة المنورة ويقع في غربها وبدايته من الجنوب حرة بني سليم على بعد 220 كيلومتر تقريبًا وينتهي في الغابة شمال المدينة المنورة بنحو 28 كيلومتر تقريبًا. الفيروز آبادي، المغانم المطابة في معالم طابة، ص266؛ الشنقيطي، محمد غالي (ت: 1409هـ/1988م)، الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، د. ط، (قطر: مطابع الدوحة الحديثة، د. ت)، ص241.

(10) وادي بطحان: يطلق على كل ما  بغربي مسجد المصلى من المدينة إلى الحرة الغربية ويعرف بإسم أبي جيدة ويصدر هذا الوادي من ذي حدر ثم جفاف وهي قرية قربان ثم يسيل في فضاء متسع هو وادي بطحان حتى غربي مسجد الفتح ثم يسير إلى زغابة. الفيروز آبادي، المغانم المطابة في معالم طابة، ص454.

(11) كعكي، معالم المدينة بين العمارة والتاريخ، ج1، مج2، ص497.

(12) كعكي، معالم المدينة بين العمارة والتاريخ، ج1، مج2، ص499.

(13) السمهودي: وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، ج4، ص347-348؛ العباسي،عمدة الأخبار، ص357؛ الفيروز آبادي: المغانم المطابة في معالم طابة، ص210. وليس له إسناد متصل.

(14) الفيروز آبادي: المغانم المطابة في معالم طابة، 210، العباسي: عمدة الأخبار، ص350.

كود لاظهار الخريطه

qrcode

روابط ذات صلة


صور المعلم

qrcode