حرة بني بياضة


الاسم:


سميت بهذا الاسم نسبة إلى بطنٍ من الأنصار وهم بنو بياضة بن عامر بن زريق بن عبد حارثة وهم من الخزرج نزلوا بالناحية الجنوبية من الحرة الغربية وسكنوها(1).


الموقع:


تقع حرة بني بياضة في الجهة الجنوبية من الحرة الغربية والتي يُطلق عليها حرة الوبرة، وقد انقسمت الحرة الغربية  إلى ثلاثة أقسام أساسية أولها حرة بني سلمة الواقعة في منطقة القبلتين وثانيها القسم الأوسط من هذه الحرة ويحمل اسم حرة الوبرة والممتد من العنابس(2) غربًا إلى جبليّ الأصيفيرين(3) شرقاً أما القسم الثالث من هذه الحرة فهو حرة بني بياضة الواقعة في الجهة الجنوبية من حرة الوبرة(4)، والتي يحدها من الشمال حرة بني دينار ومن الغرب بئر الحلوة ومن الجنوب قلعة قباء(5).


وصفه ومآله:


حرة بني بياضة هي جزء من الحرة الغربية، وقد ضمت بين جنباتها بعضاً من المعالم التي تنوعت بين مسجد و مزرعة وبئر وعدة آطام وقلعة، وأول هذه المعالم مسجد بني بياضة الذي يقع في شمالي مسجد الجمعة وجنوب خطة بني مازن(6)، وتكثر فيها المزارع منها الرحابة ،  وهي مزرعة في شمال أطم عقرب(7)، كما توجد مزرعةٌ أخرى تعرف بمزرعة جُشم أو مزرعة بني بياضة وهي مزرعة كبيرة من أشهر مزارع المدينة المنورة وبها بئر كبير يقع في غربي خليج المزرعة بين قباء ومسجد الجمعة وعلى هذه البئر دورٌ من أحجار ومحرابٌ صغير بالإضافة إلى تواجد آثار من البناء القديم للأنصار(8)، بالإضافة للمزارع تكثر فيها الآطام فذكر العباسي أن بها نحو عشرون أطماً فيما ذكر السمهودي عن ابن زبالة أن بها تسعة عشر أطماً وأن منها ثلاثة عشر لبني أمية بن عامر بن بياضة(9)، فهذه الأوصاف تؤكد على حيوية هذه المنطقة، والحرص الكير على سكناها، لما تتمتع به من مميزات طبيعية وجغرافية.

أما عن وضع هذه الحرة في الوقت الحالي فقد غطت المباني الشعبية والعشوائية سطح حرة بني بياضة وقضت على معالمها وآثارها(10).


الأحداث التاريخية المرتبطة به:


كانت هذه الحرة قبل الإسلام موطناً لبعض قبائل الأوس والخزرج الذين نزلوا بها بعد خروجهم من اليمن بسبب حادثة سيل العرم وانهيار سد مأرب(11) وبعد الإسلام فقد حفلت حرة بني بياضة بقيام أول جمعة بالإسلام فيها حيث ذكر البغوي في تفسيره عن ابن سيرين "أن أهل المدينة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وقبل أن ينزل الجمعة اجتمعوا إلى أسعد بن زرارة(12) فصلى بهم ركعتين وذكَّرهم فسموه يوم الجمعة، ثم أنزل الله عزوجل في ذلك بعد"(13)،  كما روى ابن داوود أن  كعب بن مالك كان إذا سمع النداء ليوم الجمعة ترحَّم لأسعد بن زرارة، فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة قال: لأنه أوّل من جمَّع بنا في هَزْمِ ‌النَّبِيتِ(14) من حرة بني بياضة في نقيع يقال له :نقيع الْخَضِمَاتِ(15)، قلت :كم أنتم يومئذ؟ قال: أربعون(16)، ويضيف السمهودي إلى ذلك أن الصحابيّ مصعب بن عمير رضي الله عنه هو من جمع بهم أول جمعة في الإسلام بمعونة أسعد بن زرارة رضي الله عنه(17)

كما كان لحرة بني بياضة دور في حماية المدينة المنورة أثناء غزوة الخندق فقد قام المسلمون بإتخاذ الحرار المحيطة بالمدينة المنورة وما بها من مساكن ونخيل ومرتفعات كقلعة حصينة حرة بني بياضة التي قامت بعامل تحصيني وحامي للمدينة المنورة(18).

وفي العصور المتأخرة كان في حرة بني بياضة قلعة تسمى بقلعة قباء والتي تم إنشائها لتكون قلعة دفاعية رئيسية ومراقبة في ذات الوقت وقد تم انشائها على يد القائد العسكري فخري باشا(19) أثناء الصراع بين العثمانيين والهاشمين في الفترة الممتدة من (1334-1915هـ/1337-1918م)، وقد استخدمت هذه القلعة قديما للحراسة ومراقبة المنطقة الجنوبية من المدينة، وفي عهد الملك فيصل رحمه الله تم استخدام هضبتها الخارجية لوضع مدفع شهر رمضان المبارك(20).

 

 


(1) العياشي، إبراهيم بن علي (ت: 1400هـ): المدينة بين الماضي والحاضر، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ت ط1392هـ-1972م، ص220؛ الشنقيطي، محمد غالي (ت: 1409هـ/1988م)، الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، د. ط، (قطر: مطابع الدوحة الحديثة، د. ت)، ص239.

(2) العنابس:  منطقة زراعية تعلو سطح الحرة الغربية امتداداً من مزارع عروة شمالاً حتى منطقة مزارع القبلتين جنوباً، وسميت بهذا الإسم نسبة إلى قصور عنبسة بن عمرو بن عثمان بن عفان وقصور عنبسة بن سعيد بن العاص. العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص481؛ الخياري، أحمد ياسين (ت: 1380هـ/1960م)، تاريخ معالم المدينة المنورة قديماً وحديثاً، المدينة المنورة: نادي المدينة المنورة الأدبي ،1410هـ/1990م، ص239.

(3) جبل الأصيفرين: هما جبلان لونهما أحمر ومتقاربان جداً يفصل بينهما ممر أصبح طريقاً معبداً وقد قامت أمانة المدينة المنورة بتكسير أطرافهما من أجل التوسعة بعد ازدحام البنيان من حولهما. الشنقيطي: الدر الثمين، ص236.

(4) الشنقيطي: الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين، ص 235-239.

(5) كعكي: عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن إبراهيم: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج3، "تاريخ وعمارة الحصون والآطام، الأسوار والابواب، القلاع والأبراج"، (دار إحياء التراث العربي بيروت ط1، 1427هـ/2006م)، ج9، مج11، ص66.

(6) الشمري، حصة بنت عبيد: تخطيط المدينة المنورة في العهد النبوي والخلافة الراشدة، ط1، مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية، 1426هـ/2005م. ص172.

(7) السمهودي، نور الدين علي (ت: 911هـ/1505م)، وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، تحقيق: قاسم السامرائي، ط1، ج1، ج3، ج4، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، 1422هـ/2001م، ج3، ص241.

(8) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج11، ص66.

(9) العباسي: عمدة الأخبار، ص47؛ والسمهودي، وفاء الوفا، ج1، ص368. الفيروز آبادي، مجدالدين (ت: 817هـ/1415م)، المغانم المطابة في معالم طابة، الرياض، ط1، دار اليمامة للبحث والنشر والتوزيع، 1389هـ/1969م، ص191-266.

(10) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج9، مج11، ص66.

(11) السمهودي: وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى، ج1، ص309، 316.

(12) أسعد بن زرارة: بن عُدس بن عبيد بن النجار، واسمه تيم الله، يكنى بأبي أمامة وهو من أول الأنصار إسلاماً، توفي في السنة الأولى من الهجرة. الجزري، علي بن أبي الكرم (ت: 630هـ)، أسد الغابة في معرفة الصحابة، تحقيق: علي معوض وعادل أحمد، ط1، ج1، بيروت، دار الكتب العلمية، ج1,1424هـ/2002م، ج1، ص205-206.

(13) البغوي، محمد الحسين (ت: 516هـ)، تفسير البغوي معالم التنزيل، تحقيق: محمدالنمر وعثمان جمعة وسليمان الحرش، د، ط، مج8، الرياض، دار طيبة للنشر والتوزيع، د. ت، مج8، ص116.

(14) هزم النبيت: الهزم ماطمئن من الأرض، والنبيت بطن من الأنصار وهو عمرو بن مالك بن الأوس. الحموي، ياقوت بن عبد الله (ت: 626هـ/1228م)  تحقيق: فريد الجندي، ج1، ج5، بيروت: دار الكتب العلمية، د.ت، ج5، ص465-467.

(15) نقيع الخضمات: النقيع في اللغة هو القاع والموضع الذي يستنقع فيه الماء، ونقيع الخضمات هو موضع حماه عمر بن الخطاب رضي الله عنه لخيل المسلمين وهو من أودية الحجاز يدفع سيله إلى المدينة ويسلكه العرب إلى مكة. الحموي: معجم البلدان، ج5، ص348.

(16) السجستاني، سليمان بن الأشعث (ت: 275هـ)، سنن أبي داوود، ج2، تحقيق: شعيب الأرنؤوط ومحمد كامل، ط1، دار الرسالة العلمية، 1430هـ/2009م، ج2، رقم الحديث 1069، ص296-297.

(17) السمهودي، خلاصة الوفاء، ج1، ص582.

(18) حافظ، علي (ت: 1408هـ/1988م)، (1417هـ)، (ط3)، فصول من تاريخ المدينة المنورة، جدة: شركة المدينة المنورة للطباعة والنشر، ص219-220.

(19) فخري باشا: ولد في عام 1286هـ/1869م، أصبح أميرًا على المدينة المنورة خلال فترة الثورة العربية الممتدة من 1334هـ/1916م إلى - 1337هـ/1919م، توفي في عام 1368هـ/1948م. عبد الغني، عارف أحمد: تاريخ أمراء المدينة المنورة 1هـ-1417هـ، د. ط، (دمشق: دار كنان للطباعة والتوزيع، د.ت)، ص423-424؛ الريحاني: أمين (ت: 1359هـ/1940م)، تاريخ نجد الحديث، د.ط، (بيروت: دار الجيل، د. ت)، ص244.

(20) كعكي: معالم المدينة المنورة بين العمارة والتاريخ، ج3، مج2، ص599-605.

كود لاظهار الخريطه

qrcode

روابط ذات صلة


صور المعلم

qrcode