أطم صرار


الاسم:


صِرَارٌ ككتاب وهو أطم شامي(1)، وقد أطلق صرار على عدة مواضع، فقيل: إنها بئر، وقيل: أطم، وقيل: موضع فيه بئر، وهي جميعاً علم لموقع واحد وهو موقع "أطم صِرَارٍ" في بني حارثة(2)، وهذا ما يؤكده السمهودي من أن الأصل في التسمية هو الأطم، ثم اكتسبت المنطقة منه هذا الاسم(3).


الموقع:


يقع أطم صِرَارٍ في حي العريض، شرقي المدينة المنورة، على أطراف حرة واقم، وبالقرب من وادي قناة، في مرتفع الجزء الشمالي الشرقي من الحرة الشرقية، و يبعد هذا الأطم عن مسجد علي العريض(4) الواقع في غربيه بمقدار خمسة وأربعين متراً(5)، ويكتسب هذا الموقع أهمية خاصة في التاريخ نظراً لكونه واقعاً على طريق المسافرين إلى نجد والقادمين منها.


وصفه ومآله:


بني الأطم على مرتفع من الحرة، يزيد عن منسوب محيطه أكثر من عشرة أمتار، مما أعطاه مزيداً من التميز والإشراف والهيبة، وهو مبني بحجارة الحرة السوداء، ويتكون الأطم من فناء خارجي محاط بسور فيه عدد من الأبراج للحراسة، ومبنى داخلي يضم عدداً من الغرف الكبيرة التي تطل على فناء داخلي صغير، وفي داخل فناء الأطم بئر دائرية لا يزيد قطرها عن 1.20سم، بنيت بالحجارة المنتظمة، تستخدم في العادة للحصول على المياه داخل الأطم حالة الطوارئ وعلى أطراف الأطم من خارجه بئران آخران، أحدهما في الجهة الجنوبية، والآخر في الجهة الشرقية(6).

ولا تزال معالم الأطم قائمة، وهو موجود حتى الآن قرب الخط الدائري الثاني للمدينة المنورة؛ ولكن عبث بعض الناس بهذا الأطم قد أدى إلى طمس كثير من معالمه(7).


الأحداث التاريخية المرتبطة به:


لم يكن هذا المعلم بعيداً عن الأحداث التاريخية للمدينة المنورة، فهو من آطام الجاهلية، إذ ْكان لبني عبد الأشهل، وله ذكر في أشعار العرب وأيامهم(8)، وبعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، دخل في أحداث السيرة النبوية، فقد ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما عاد من غزوة قرقرة الكدر توقف عنده وقسم غنائم الغزوة بين أصحابه(9).

كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد من غزوة ذات الرقاع مرّ على جابر بن عبد الله وقد أبطأ به جمله، فنخسه فصار يسابق ناقة النبي صلى الله عليه وسلم(10).

جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ: اشْتَرَى مِنِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعِيرًا بِوَقِيَّتَيْنِ وَدِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ، فَلَمَّا قَدِمَ صِرَارًا، أَمَرَ بِبَقَرَةٍ فَذُبِحَتْ فَأَكَلُوا مِنْهَا، فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ، أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْمَسْجِدَ فَأُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَوَزَنَ لِي ثَمَنَ الْبَعِيرِ(11).

وأما عن الأحداث التي شهدها بعد النبوة فقد ورد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج على رأس الجيش الذي توجه للعراق، وخلّف على المدينة علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى وصل صراراً، فعسكر عنده، وهناك رأى كبار الصحابة أن المصلحة تقضي بأن يبقى عمر في المدينة، ويعين قائدًا للجيش الذاهب إلى العراق، فرضي بذلك، وعين سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه(12).

ومن ذلك أن عبد الله بن عامر البصري أرسل جيشاً من أهل البصرة بقيادة مجاشع بن مسعود، لمناصرة عثمان رضي الله عنه لما أراد البغاة قتله، فسار بهم حتى إذا ما وصلت طلائع الجيش عند صرار أتاهم قتل عثمان رضي الله عنه(13)، فهذه الأخبار وغيرها تؤكد على ارتباط هذه الأطم وموقعه بأحداث تاريخية مهمة نظراً لموقعه المميز في شرق المدينة المنورة.

 

 


(1) السمهودي، علي بن عبد الله أبو الحسن (ت: 911هـ): وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، دار الكتب العلمية – بيروت الطبعة: الأولى – 1419هـ، (104/4).

(2) العياشي، إبراهيم بن علي (ت: 1400هـ): المدينة بين الماضي والحاضر، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ت: ط1392هـ-1972م، ص525.

(3) السمهودي:  وفاء الوفاء (104/4).

(4) هذا المسجد قد أزيل ولم يبقى له أثر. انظر كعكي عبد العزيز:  معالم المدينة بين العمارة والتاريخ، المعالم الطبيعية الجبال،  دار ومكتبة الهلال، (264/3).

(5) كعكي: معالم المدينة، (264/3).

(6) كعكي:  معالم المدينة، (265-266-270-3/271).

(7) كعكي:  معالم المدينة، (278/3).

(8) الفيروز آبادي، مجد الدين أبي الطاهر محمد (ت: 817هـ): المغانم المطابة، مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، الطبعة الثانية 1439هـ-2018م، (1124/3).

(9) السمهودي: وفاء الوفاء (105/4).

(10) ابن كثير أبو الفداء (ت: 744): البداية والنهاية، تحقيق عبد الله بن عبد المحسن التركي دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان، الطبعة: الأولى، 1418هـ - 1997م، (569/5).

(11) صحيح البخاري: (77/4، ح: 3089).

(12) ابن كثير:  البداية والنهاية (613/9).

(13) الطبري محمد بن جرير (ت: 310هـ): تاريخ الرسل والملوك، وصلة تاريخ الطبري دار التراث – بيروت الطبعة: الثانية - 1387هـ (369/4).

كود لاظهار الخريطه

qrcode

روابط ذات صلة


صور المعلم

qrcode