الغابة


الاسم:


اسمُ موضعٍ قرب المدينة في سافلتها، من ناحية الشَّام(1)، وسميت بالغابة لوجود الشجر الكثيف الغير مربوب لاحتطاب الناس ومنافعهم(2)، وجعلها الخياري هي وزغابة واحداً وخالفه البلادي ففرق بينهما(3).


الموقع:


أرض من مقصر جبل أحد إذا أكنع في قناة إلى الشمال، تشمل مدفع وادي النقمى في الخُليل، ويمكن اعتبار الخُليل كله من الغابة، والخُليل: هو وادي المدينة بعد اجتماع: قناة وبطحان، والعقيق(4)، يحدها من المشرق جبل أحد، ومن المغرب شمالاً الدقاقات، وجنوباً قناة، ومن الشمال جبال الضليعات الحمر(5)


وصفه ومآله:


امتازت بأنها كثيرة المياه، كثيفة الأشجار(6)، حتى إنها كانت من ضمن أملاك الزبير رضي الله عنه، الذي استصلحها فارتفعت قيمتها، بعد أن كثر نخيلها وتنوعت مزروعاتها(7) ولكنها مع مرور الوقت أُهملت، واستولى عليها الخراب(8) ففقدت مكانتها، فهي مجمع للسيول التي تتجمع قبل الغابة في وادي أضم ثم تصب موحدة في الغابة، مما حولها إلى أجمة مخيفة موحشة، ذات شقوق غائرة في الأرض، حفرتها السيول بقوة جريانها، مما جعل الوصول إليها  والسير فيها صعباً(9)، وبشرقي الغابة قريباً من سفح أحد الشمالي، بركة كبيرة مشهورة باسم الزبير، ولعلها كانت تسقي أرضه وقت ازدهارها واستثمارها، وقد عمرت هذه البركة من قبل وزير المالية عبد الله السلمان في عهد الملك عبدالعزيز وأجرى الماء عليها من عينها الأثرية المطمورة، وأعاد استثمار أراضيها(10).

والغابة اليوم عامرة بخطوط المواصلات والمزارع الحديثة، والمساكن، وهي ملتقى لتقاطع الخليل وشارع العيون الموصل إلى سيد الشهداء مع خط الخواجات -الأمير نايف-، وتضم منطقة الخليل وما حولها(11).


الأحداث التاريخية المرتبطة بها:


ارتبطت هذه  الغابة بأحداث تاريخية كثيرة، وخاصة في عصر النبوة، إذ ورد في الصحيحين أن النبي سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الغابة إلى موضع كذا(12)، كما صنع نبره من طرفاء الغابة أو من أثلها(13)، حتى أنها كانت من مراعي لقاح النبي صلى الله عليه وسلم(14)، نظراً لما تحتوي من أشجار، وفي غزوة ذي قرد(15) وفدت السباع على النبي صلى الله عليه وسلم في الغابة تسأله أن يفرض لها ما تأكله(16)، كما وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر الصلاة بالغابة في هذه الغزوة(17).

ونظراً لما امتازت به هذه المنطقة من وفرة الماء وخصوبة الأرض، فقد استثمر فيها الزبير رضي الله عنه بمزرعة(18)، فحقق منها أرباحاً كثيرة، فقد اشترى فيها بمائةٍ وسبعين ألفاً، وبيعت في تركته بألف ألف وستمائة ألف(19)، والذي يظهر من بعض الأخبار كذلك أن العباس رضي الله عنه كانت له فيها ممتلكات إذ ورد أنه كان يقف على سَلْعٍ(20)، فينادي غلمانه وهم بالغابة فيُسمعهم، وذاك في آخر الليل، وبين سلْعٍ والغابة ثمانيةُ أميال(21).


صور من الغابة:


 

 

 

 

 

 

في الصورة؛ جامع الزبير، وبعض مزارع الخليل، وجبل أحد في آخر الصورة.

 

 


 

 

 

 

 

غرب سدّ الغابة، وبعض الأشجار الطبيعية (الطرفاء – الأثل – والعِشَار).

 

 


 

 

 

 

 

من بقايا الأمطار، وهذه الصورة للجِهَةِ التي بين البيضاء وسد الغابة.

 

 


 

 

 

 

 

جامع الزبير في وسط منطقة الغابة (الخليل).

 

 


(1) الفيروز آبادي، مجد الدين أبي الطاهر محمد (ت: 817هـ): المغانم المطابة، مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، الطبعة الثانية 1439هـ-2018م (1248/3)، السمهودي، علي بن عبد الله أبو الحسن (ت: 911هـ): وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى، تحقيق قاسم السامرائي، مؤسسة الفرقان للتراث الإسلامي، الطبعة الأولى 1422هـ/2002م، (405/4).

(2) الفيروز آبادي : المغانم المطابة، (1248/3)، السمهودي: وفاء الوفاء، (405/4)، العياشي: العياشي، إبراهيم بن علي (ت: 1400هـ): المدينة بين الماضي والحاضر، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ت: ط1392هـ-1972م، ص518-519.

(3) الخياري، أحمد ياسين (ت: 1380هـ):  تاريخ معالم المدينة المنورة قديمًا وحديثًا، تعليق عبيد الله  محمد أمين كردي، دار العلم للطباعة والعلم، ط3 1412هـ-1991م، ص243، ولكن البلادي يعتبر أن زغابة غير الغابة. انظر البلادي عاتق بن غيث: معجم المعالم الجغرافية في السيرة النبوية، دار مكة للنشر والتوزيع، مكة المكرمة، الطبعة: الأولى، 1402هـ - 1982م، ص281.

(4) البلادي: معجم المعالم الجغرافية، ص223.

(5) العياشي: المدينة بين الماضي والحاضر، ص519.

(6) السمهودي: وفاء الوفاء، (405/4).

(7) السمهودي: وفاء الوفاء، (405/4). الأنصاري: عبد القدوس (1403هـ): آثار المدينة المنورة، المكتبة السلفية، المدينة المنورة، ط3، 1393هـ/1973م، ص181-182.

(8) السمهودي: وفاء الوفاء، (405/4).

(9) الخياري: تاريخ معالم المدينة، ص243، الأنصاري: آثار المدينة، ص181-182.

(10) الأنصاري: آثار المدينة، ص182، يصرح الأنصاري بأن البركة لم يرد ذكرها عند أحد من المؤرخين.

(11) حاشية أمين كردي على الخياري: تاريخ معالم المدينة، ص243.

(12) أخرجه البخاري، في الجهاد والسير، باب غاية السبق للخيل المضمرة، رقم: 2870. ومسلم، في الإمارة، باب المسابقة بين الخيل وتضميرها، رقم: 3, 1870/1491، الفيروز آبادي: المغانم المطابة (1248-3/1249)، السمهودي: وفاء الوفاء، (4/406).

(13) ابن النجار، محمد بن محمود (ت: 643هـ/1245م)، أخبار مدينة الرسول المعروف بالدرة الثمينة، تحقيق: صالح محمد جمال، ط3، ( مكة المكرمة: مكتبة الثقافة، 1401هـ/1981م)، ص95-96، الفيروز آبادي: المغانم المطابة، (1248-3/1249).

(14) الصالحي، محمد بن يوسف (المتوفى: 942هـ): سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد تحقيق وتعليق: الشيخ عادل أحمد عبد الموجود، الشيخ علي محمد معوض دار الكتب العلمية بيروت – لبنان الطبعة: الأولى، 1414هـ - 1993م، (95/5).

(15) راجع أخبارها، ابن هشام: السيرة، تحقيق مجدي السيد، دار الصحابة للتراث، طنطا، ط1،  1416هـ/1995م، (130/5).

(16) الفيروز آبادي: المغانم المطابة، (1250/3)، السمهودي: وفاء الوفاء، (406/4).

(17) ابن زبالة محمد بن الحسن (ت: 199هـ): أخبار المدينة، جمع وتوثيق ودراسة: صلاح عبدالعزيز زين سلامة، مركز بحوث ودراسات المدينة المنورة، الطبعة: الأولى 1424هـ - 2003م، ص237.

(18) قال العياشي ص480: وهي معروفة اليوم عند أهل المدينة بغابة الزبير بن العوام، وهي من الشمال من أحد، وجعل الغابة التي فيها الغزوة غير غابة الزبير.

(19) الفيروز آبادي: المغانم المطابة، (1249/3).

(20) والذي يظهر أنه أحد وليس سلع لأن سلع بعيد جداً. انظر الخياري: تاريخ معالم المدينة، ص243.

(21) الفيروز آبادي: المغانم المطابة، (1249/3).

كود لاظهار الخريطه

qrcode

روابط ذات صلة


صور المعلم

qrcode